تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٣٩
قال كعب: لما قال له: إني أنا أخوك قال بنيامين: فأنا لا أفارقك، قال يوسف (عليه السلام): قد علمت (عنهم) والدي بي، فإذا حبستك ازداد غمه، فلا يمكنني هذا إلا أن أشهرك بأمر وأنسبك إلى ما لا يجمل بك، قال: لا أبالي فافعل ما بدا لك فإني لا أفارقك.
قال: فإني أدس صاعي هذا في رحلك ثم أنادي عليك بالسرقة لجهازي ليتهيأ لي ردك بعد تسريحك، قال: فافعل، فذلك قوله تعالى: " * (فلما جهزهم بجهازهم) *) أي لما قضى لهم حاجتهم، " * (جعل السقاية) *): وهي المشربة التي كان يشرب بها الملك، قال ابن زيد: وكان كأسا من ذهب فيما يذكرون، وقال ابن إسحاق: هو شيء من فضة، عكرمة: مشربة من فضة مرصعة بالجواهر، جعلها يوسف مكيلا لئلا يكال بغيرها وكان يشرب بها، سعيد بن جبير: هو (المقياس) الذي يلتقي طرفاه وكان يشرب بها الأعاجم وكان للعباس منها واحدة في الجاهلية، والسقاية والصواع واحد، " * (في رحل أخيه) *) في متاع بنيامين، ثم ارتحلوا وأمهلهم يوسف حتى انطلقوا ومضوا ثم أمر بهم فأدركوا وحبسوا.
" * (ثم أذن مؤذن) *) نادى مناد، " * (أيتها العير) *) هي القافلة التي فيها الأحمال، قال الفراء: لا يقال عير إلا لأصحاب الإبل، وقال مجاهد كانت العير حميرا.
" * (إنكم لسارقون) *) قفوا، فوقفوا، فلما انتهى إليهم الرسول قال لهم: ألم نكرم ضيافتكم ونحسن منزلكم ونوفكم كيلكم ونفعل بكم ما لم نفعله بغيركم؟ قالوا: بلى، وما ذاك؟ قال: سقاية الملك، فقال: إنه لا يتهم عليها غيركم، فذلك قوله تعالى: " * (قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون) *) عطفوا على المؤذن وأصحابه: ماذا تفقدون؟ ما الذي ضل منكم؟ فالفقدان ضد الوجود، والمفقد: الطلب.
(* (قالوا نفقد صواع الملك ولمن جآء به حمل بعير وأنا به زعيم * قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد فى الارض وما كنا سارقين * قالوا فما جزآؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزؤه من وجد فى رحله فهو جزاؤه كذالك نجزى الظالمين * فبدأ بأوعيتهم قبل وعآء أخيه ثم استخرجها من وعآء أخيه كذالك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشآء الله نرفع درجات من نشآء وفوق كل ذى علم عليم * قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف فى نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون * قالوا ياأيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين * قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنآ إذا لظالمون * فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم فى يوسف فلن أبرح الارض حتى يأذن لىأبىأو يحكم الله لى وهو خير الحاكمين * ارجعوا إلى أبيكم فقولوا ياأبانا إن
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»