تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٧٥
" * (إن ربي على صراط مستقيم) *) يقول: إن ربي على طريق الحق يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بمعصيته ولا يظلم أحدا غيا ولا يقبل إلا الإسلام، والقول فيه إضمار أني: إن ربي يدل أو يحث أو يحملكم على صراط مستقيم.
" * (فإن تولوا فقد أبلغتكم) *) أي قل يا محمد: فقد أبلغتكم " * (ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم) *) يوحدونه ويعبدونه " * (ولا تضرونه شيئا) *) بتوليكم وإعراضكم وإنما تضرون أنفسكم، وقيل: معناها لا تقدرون له على خير إن أراد أن يضلكم، وقرأ عبد الله: ولا يضره هلاككم إذا أهلككم ولا تنقصونه شيئا، لأنه سواء عنده كنتم أو لم تكونوا.
" * (إن ربي على كل شيء حفيظ) *) أي لكل شيء حافظ، على بمعنى اللام، فهو يحفظني من أن تنالوني بسوء.
" * (ولما جاء أمرنا) *) عذابنا " * (نجينا هودا والذين آمنوا معه) *) وكانوا أربعة آلاف " * (برحمة) *) بنعمة " * (منا ونجيناهم من عذاب غليظ) *) وقيل: الريح، قيل: أراد بالعذاب الغليظ عذاب القيامة أي كما نجيناهم في الدنيا من العذاب كذلك نجيناهم في الآخرة من العذاب.
" * (وتلك عاد) *) رده إلى القبيلة " * (جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله) *) يعني هودا وحده لأنه لم يرسل إليهم من الرسل سوى هود، ونظيره قوله تعالى " * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات) *) يعني النبي صلى الله عليه وسلم وإنه لم يكن في عصره رسول سواه، وإنما جمع هاهنا لأن من كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل.
" * (واتبعوا أمر كل جبار عنيد) *) متكبر لا يقبل الحق ولا يذعن له، قال أبو عبيد: العنيد والعنود والعاند والمعاند: المعارض لك بالخلاف، ومنه قيل للعرق الذي يفجر دما فلا يرقى: عاند قال الراجز:
إني كبير لا أطيق العندا " * (وأتبعوا) *) ألحقوا وأردفوا " * (في هذه الدنيا لعنة) *) يعني بعدا وعذابا وهلاكا " * (ويوم القيامة) *) أي وفي يوم القيامة أيضا كذلك لعنوا في الدنيا والآخرة " * (ألا إن عادا كفروا ربهم) *) أي بربهم، كما يقال: شكرته وشكرت له، وكفرته وكفرت به ونصحته ونصحت له، قيل بمعنى: كفروا نعمة ربهم.
" * (ألا بعدا لعاد قوم هود) *) البعد بعدان: أحدهما البعد ضد القرب، يقال: بعد يبعد بعدا، والآخر بمعنى الهلاك ويقال منه: بعد يبعد بعدا وبعدا.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»