تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١١١
كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون * وإذا مآ أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون * لقد جآءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم * فإن تولوا فقل حسبى الله لاإلاه إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) *) 2 " * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) *) الآية قال ابن عباس في رواية الكلبي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج غازيا لم يتخلف إلا المنافقون والمعذرون فلما أنزل الله تعالى عيوب المنافقين ومن نفاقهم في غزوة تبوك قال المؤمنون: والله لا نتخلف عن غزوة بعدها يغزوها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن سرية أبدا.
فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسرايا إلى الجهاد ونفر المسلمون جميعا إلى الغزو وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده بالمدينة فأنزل الله تعالى: " * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) *) يعني ليس لهم أن يخرجوا جميعا إلى العدو ويتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده.
" * (فلولا نفر) *) فهلا خرج " * (من كل فرقة) *) قبيلة " * (منهم طائفة) *) جماعة " * (ليتفقهوا في الدين) *) يعني الفرقة القاعدين فإذا رجعت السرايا وقد نزلت بعدهم قوله تعالى: " * (القاعدون) *). قالوا لهم إذا رجعوا: قد أنزل الله على نبيكم بعدكم قرآنا وقد تعلمنا فيمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم من بعدهم ويبعث سرايا أخر فذلك ليتفقهوا في الدين " * (ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) *) وليعلمونهم الأمر " * (لعلهم يحذرون) *) ولا يعملون خلافه.
وقال الحسن: هذا التفقه والإنذار راجع إلى الفرقة النافرة ومعنى الآية: " * (ليتفقهوا في الدين) *) أي ليتبصروا ويتيقنوا بما يريهم الله من الظهور على المشركين ونصرة الدين ولينذروا قومهم من الكفار إذا رجعوا إليهم من الجهاد فيخبروهم بنصر الله النبي والمؤمنين، ويخبرونهم أنهم لا يدان لهم بقتال النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، لعلهم يحذرون قتال النبي صلى الله عليه وسلم فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار.
قال الكلبي: ولها وجه آخر: ذكر أن أحياء من بني أسد بن خزيمة أصابتهم (سنة شديدة وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر فقدموا) حتى نزلوا بالمدينة فأفسدوا طرقها بالعذرات وأغلوا أسعارها فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مجاهد: في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجوا في البوادي فأصابوا من الناس معروفا
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»