تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٠٠
فقال أبو بكر: إن الله حرمها على الكافرين. قال: فرجع إليهم الرسول فقال: بلغت محمدا الذي أرسلتموني به فلم يحر إلي شيئا فقال أبو بكر: إن الله حرمها على الكافرين قال: فحملوا أنفسهم عليه حتى أرسل رسولا من عنده فوجد الرسول في مجلسه فقال له مثل ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله حرمهما على الكافرين طعامها وشرابها)، ثم قام في أثره حتى دخل معه البيت فوجده مملوءا رجالا فقال: (خلوا بيني وبين عمي)، فقالوا: ما نحن بفاعلين وما أنت أحق به منا إن كانت لك قرابة فإن لنا قرابة مثل قرابتك فجلس إليه فقال: (يا عم جزيت عني خيرا كفلتني صغيرا وحفظتني كبيرا فجزيت عني خيرا. يا عماه أعني على نفسك بكلمة أشفع لك بها عند الله يوم القيامة، قال: وما هي يا ابن أخي؟
قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له). قال: إنك لي لناصح، والله لولا أن تعير بها بعدي يقال جزع عمك عند الموت لأقررت بها عينك، قال: فصاح القوم: يا أبا طالب أنت رأس الحنيفية ملة الأشياخ لا تحدث نساء قريش أني جزعت عند الموت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني فاستغفر له بعد ما مات).
فقال المسلمون: ما منعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قرابتنا وقد استغفر إبراهيم لأبيه وهذا محمد يستغفر لعمه فاستغفروا للمشركين فنزلت هذه الآية.
والدليل على ما قيل أن أبا طالب مات كافرا ما أخبرنا عبد الله بن حامد قال أخبرنا المزني. قال: حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعد بن منصور حدثنا أبو الأحوص أخبرنا أبو إسحاق قال: قال علي (عليه السلام) لما مات أبو طالب: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن عمك....... قال: اذهب فادفنه ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني، فانطلقت فواريته ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلي أثر التراب فدعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بها ما على الأرض من شيء.
وقال أبو هريرة وبريدة: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة أتى قبر أمه آمنة فوقف عليه حتى حميت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها فنزلت " * (ما كان للنبي والذين آمنوا) *) الآية، فقام وبكى وبكى من حوله فقال: (إني استأذنت ربي أن أزورها فأذن لي واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت)، فلم نر باكيا أكثر من يومئذ
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»