تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٣
وقال بعضهم: (إنك من تدخل النار) من خلد فيها ومن لم يخلد فقد أخزيته بالعذاب والهلاك والهوان. قال عمرو بن دينار: قدم علينا جابر بن عبد الله في عمرة، فانتهيت إليه أنا وعطاء فقلت له: (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته)، قال: وما إخزاؤه حين أحرقه بالنار إن دون ذلك لخزيا.
وقال أهل المعاني: الخزي يحتمل الحياء، يقال: خزي يخزي، خزاية إذا استحيا.
قال ذو الرمة:
خزاية أدركته عند جوليه من جانب الحبل مخلوطا بها الغضب وقال القطامي في الثور والكلاب:
حرجا وكر كرور صاحب نجدة خزي الحرائر أن يكون جبانا أي يستحي، فخزي المؤمنين الحياء، وخزي الكافرين الذل والخلود في النار.
" * (وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا) *) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ينادي للإيمان أي إلى الإيمان، كقوله: " * (لعادوا لما نهوا عنه) *).
وقيل: اللام بمعنى أجل.
قال قتادة: أخبركم الله عز وجل عن مؤمني الإنس كيف قالوا وعن مؤمني الجن كيف قالوا، فأما مؤمنوا الجن فقالوا: " * (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد) *) وأما مؤمنوا الإنس فقالوا " * (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان فآمنا) *).
" * (ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار) *) أي في جملة الأبرار " * (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك) *) على ألسنة رسلك كقوله: " * (واسأل القرية) *).
وقرأ الأعمش: (رسلك) بالتخفيف.
" * (ولا تخزنا) *) لا تعذبنا ولا تهلكنا ولا تفضحنا ولا تهنا " * (يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد) *) يعني قيل: ما وجه قولهم: (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك) وقد علموا وزعموا أن الله لا يخلف الميعاد، والجواب عنه: إن لفظه الدعاء، ومعناه الخبر تقديره: (واغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار) ولا تخزنا، وتؤتينا ما وعدتنا على ألسن رسلك من الفضل
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»