تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٩
وعمر بن عبد العزيز فغل رجل متاعا، فأمر الوليد بمتاعه فأحرق وطيف به ولم يعطه سهمه " * (أفمن اتبع رضوان الله) *) بترك الغلول " * (كمن باء بسخط من الله) *) فغل " * (ومأواه جهنم وبئس المصير هم درجات) *) يعني ذو درجات " * (عند الله) *).
وقال ابن عباس: يعني أن من اتبع رضوان الله ومن باء بسخط من الله مختلف المنازل عند الله تعالى، فلمن اتبع رضوان الله الكرامة والثواب العظيم، ولمن باء بسخط من الله المهانة والعذاب الأليم.
" * (والله بصير بما يعملون لقد من الله على المؤمنين) *).
قال بعضهم: لفظ الآية عام ومعناها خاص، إذ ليس حي من أحياء العرب إلا وقد قلدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيهم نسب إلا بني تغلب، فإن الله طهره منهم لما فيهم من دنس النصرانية إذ ثبتوا عليها، وبيان هذا التأويل قوله: " * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) *).
وقال الآخرون: (هو) أراد به المؤمنين كلهم، ومعنى قوله: " * (من أنفسهم) *) بالإيمان والشفقة لا بالنسب كما يقول القائل: أنت نفسي، يدل عليه قوله: " * (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) *) الآية.
" * (يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل) *) وقد كانوا من قبل بعثه، وهو رفع على الغاية " * (لفي ضلال مبين أولما) *) أوحين " * (أصابتكم مصيبة) *) أحد " * (قد أصبتم مثليها) *) ببدر، وذلك أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد سبعين وقتل المسلمون منهم يوم بدر سبعين وأسروا سبعين " * (قلتم أنى هذا) *) من أين لنا هذا القتل والهزيمة ونحن مسلمون ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا والوحي ينزل علينا وهم مشركون.
وروى عبيدة السلماني عن علي قال: جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الفداء من الأسارى، وقد أمرك أن تخيرهم بين أن يقدموا فتضرب أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك للناس فقالوا: يا رسول الله عشائرنا وإخواننا، لا بل نأخذ فداءهم فنتقوى بها على قتال عدونا، منا عدتهم فليس في ذلك ما نكره، قال: فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدد أسارى يوم بدر، فمعنى قوله: " * (قل هو من عند أنفسكم) *) على هذا التأويل أي: بأخذكم الفداء واختياركم القتل.
" * (إن الله على كل شيء قدير وما أصابكم) *) يا معشر المؤمنين " * (يوم التقى الجمعان) *) بأحد
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»