تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٧
ومن قرأ بضم الياء فله وجهان:
أحدهما: أن يكون من الغلول، أي ما كان النبي أن يغل، أي أن يخان، يعني أن تخونه أمته.
والوجه الآخر: أن يكون من الإغلال، معناه ما كان لنبي أن يخون أو ينسب إلى الخيانة أو يوجد خائنا أو يدخل في جملة الخائنين، فيكون أغل وغلل بمعنى واحد، كقوله: " * (فإنهم لا يكذبونك) *) وقوله: " * (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) *).
وقال المبرد: تقول العرب: أكفرت الرجل بمعنى جعلته كافرا ونسبته إلى الكفر وحملته عليه ووجدته كافرا ولحقته بالكافرين.
" * (ومن يغل يأت بما غل يوم القيامة) *)، قال الكلبي: يمثل له ذلك الشيء في النار ثم يقال له: انزل فخذه، فينزل فيحمله على ظهره، فإذا بلغ موضعه وقع في النار ثم كلفه أن ينزل إليه فيخرجه فيفعل ذلك.
وروى أبو زرعة عن أبي هريرة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطيبا فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره وقال: (لا ألقين أحدكم يجيء على رقبته يوم القيامة بعير له رغاء يقول: يا رسول الله أغثني؟ فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك، ولا ألقين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول: يا رسول الله أغنني؟ فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك، ولا ألقين أحدكم بصامت يقول: يا رسول الله أغنني؟ فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك، ولا ألقين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة يقول: يا رسول الله أغنني؟ فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك، ولا ألقين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخنق يقول: يا رسول الله أغنني؟ فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك).
وحدث سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو في النار) فوجدوا عليه عباءة قد غلها.
وحدث الزهري عن عروة عن أبي حميد الساعدي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له أبو اللبيبة على الصدقة، فجاء فقال: هذا لكم وهذا أهدي له، فقام النبي صلى الله عليه وسل
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»