لا أرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو، ثم قاتل القوم حتى قتل، وأخذوا عمرو بن أمية أسيرا، فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه، فقدم عمرو بن أمية على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فقال رسول الله: (هذا عمل أبي براء قد كنت لهذا كارها متخوفا) فبلغ ذلك أبا براء فشق عليه إخفار عامر إياه وما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه وجواره، وكان فيمن أصيب عامر بن فهيرة.
وروى محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة: أن عامر بن الطفيل كان يقول: من الرجل منهم لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء من دونه، قالوا: هو عامر بن فهيرة.
قالوا وقال حسان بن ثابت يحرض أبي براء على عامر بن الطفيل:
فتى أم البنين ألم يرعكم وأنتم من ذوايب أهل نجد نهاكم عامر بأبي براء ليخفره وما خطأ كعمد ألا أبلغ ربيعة ذا المساعي فما أحدثت في الحدثان بعدي أبوك أبو الحروب أبو براء وخالك ماجد حكم بن سعد وقال كعب بن مالك في ذلك.
لقد طارت شعاعا كل وجه خفارة ما أجار أبو براء بني أم البنين أما سمعتم دعاء المستغيث مع النساء وتنويه الصريخ بلى ولكن عرفتم أنه صدق اللقاء فلما بلغ ربيعة من البراء قول حسان وقول كعب بن مالك، حمل على عامر بن الطفيل وطعنه فخر عن فرسه فقال: هذا عمل أبي براء، إن مت فدمي لعمي ولأتبعن به وإن أعش فسأرى فيه الرأي. وقال إسحاق بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك قال: أنزل الله تعالى في شهداء بئر معونة قرآنا بلغوا قومنا عنا إنا قد لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه، ثم نسخت ورفعت بعد ما قرأناها زمانا وأنزل الله عز وجل " * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) *) الآية.
وقال بعضهم: إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرورا تحسروا على الشهداء وقالوا: نحن في النعمة والسرور وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور، فأنزل الله عز وجل تنفيسا عنهم وإخبارا عن حال قتلاهم " * (ولا تحسبن) *) ولا تظنن وروى هشام عن أهل الشام: (يحسبن)