تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٤
بالياء. وقرأ الحسن وابن عامر: (الذين قتلوا) مشددا، (أمواتا) كموت من لم يقتل في سبيل الله، ونصب أمواتا على المفعول الثاني، لأن الحسبان يتعدى إلى مفعولين، فإذا قلت: حسبت زيدا، لا يكون كلاما تاما حتى تقول: قائما أو قاعدا " * (بل أحياء) *) تقديره: بل هم أحياء.
وقرأ ابن أبي عبلة: أحياء نصبا أي أحسبهم أحياء " * (عند ربهم) *).
وقال بعضهم: يعني أحياء في الدنيا حقيقة، وقيل: (في العالم) وقيل: بالثناء والذكر، كما قيل:
موت التقي حياة لا فناء لها قد مات قوم وهم في الناس أحياء وقيل: مما هم أحياء.
" * (ربهم يرزقون) *) ويأكلون ويتنعمون كالأحياء، وقيل: إنه يكتب لهم في كل سنة ثواب غزوة ويشتركون في فضل كل مجاهد يكون في الدنيا إلى يوم القيامة، لأنهم سلوا أمر الجهاد، فيرجع أجر من يقتدي بهم إليهم، نظيره قوله: " * (كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا) *) الآية، وقيل: لأن أرواحهم تركع وتسجد كل ليلة تحت العرش إلى يوم القيامة، كأرواح الأحياء من المؤمنين الذين باتوا على الوضوء. وقيل: لأن الشهيد لا يبلى في القبر ولا تأكله الأرض.
يقال: أربعة لا تبلى أجسادهم: الأنبياء والعلماء والشهداء وحملة القرآن.
وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة: أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريين ثم السلميين، كانا قد خرب السيل قبرهما وكانا في قبر واحد وهما من شهداء أحد، وكان قبرهما مما يلي السيل، فحفر عنهما ليغيروا عن مكانهما فوجدا لم يتغيرا، كأنهما ماتا بالأمس، وكان قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين يوم أحد وبين يوم حفر عنهما ستة وأربعون سنة. وقيل: سموا أحياء لأنهم لا يغسلون كما لا يغسل الأحياء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (زملوهم في كلومهم ودمائهم، اللون لون الدم والريح ريح المسك).
وقال عبيد بن عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف يوم أحد مر على مصعب بن عمير
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»