في سبيل الله فإن أنفقنا أموالنا بقينا فقراء ذوي مسكنة، فقال الله " * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) *) يعني انفقوا ولا تخشوا العيلة فإني رازقكم ومخلف عليكم.
الخليل بن عبد الله عن علي وأبي الدرداء وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعبد الله بن عمرو وجابر وعمران بن حصين كلهم يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: (من أرسل نفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم، ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه ذلك فله بكل درهم يوم القيامة سبعمائة ألف درهم) ثم تلا هذه الآية " * (والله يضاعف لمن يشاء) *).
وروى النضر بن عزيز عن عكرمة " * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) *) قال: لا تتيمموا الخبيث منه: تنفقون.
(قال) زيد بن أسلم: إن رجالا كانوا يخرجون في بعوث بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير نفقة فإما أن يقطع بهم، وإما كانوا عيالا فأمرهم الله بالانفاق على أنفسهم في سبيل الله، وإذا لم يكن عندك ما ينفق فلا تخرج بنفسك بغير نفقة ولا قوة فتلقي بيديك إلى التهلكة، والتهلكة: أن يهلك من الجوع أو من العطش ثم قال لمن بيده ويبخل " * (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) *).
وقال محمد بن كعب القرظي: كان القوم يكونون في سبيل الله فيتزود الرجل فيكون أفضل زادا من الآخر فينفق الناس من زاده حتى لا يبقى منه شيء يحب أن يواسي صاحبه، فأنزل لله تعالى هذه الآية.
وقال بعضهم: هذه الآية نزلت في ترك الجهاد.
زيد بن أبي حبيب عن أسلم بن عمران قال: غزونا القسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر صاحب رسول الله، وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، قال: فوقفنا صفين لم أر قط أعرض ولا أطول منها والروم ملصقون ظهورهم بحائط المدينة قال: فحمل رجل منا على صف الروم حتى خرقه ثم خرج إلينا مقبلا فصاح الناس وقالوا: سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة.
وقال أبو أيوب الأنصاري: إنكم لتأولون هذه الآية على هذا التأويل ان حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة أو بلى من نفسه، نحن أعلم بهذه الآية، إنها نزلت فينا معشر الأنصار، إنا لما أعز الله دينه ونصر رسوله قلنا بيننا (معاشر الأنصار) سرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قد تركنا أهلنا وأموالنا حتى فشى الإسلام ونصر الله عز وجل نبيه، وقد وضعت الحرب أوزارها فلو