تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٩
ورذالة أموالهم فيعزلون الجيد ناحية لأنفسهم، فأنزل الله تعالى " * (ولا تيمموا الخبيث) *) يعني الردي من أموالكم، والخشف من التمر، والعفن والزوان من الحبوب، والزيوف من الدراهم والدنانير.
" * (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) *) محل أن نصب بنزع حرف الصفة، يعني: بأن تغمضوا فيه.
وقرأ الزهري: " * (تغمضوا) *) بفتح التاء وضم الميم. وقرأ الحسن بتفح التاء وكسر الميم، وهما لغتان غمض يغمض ويغمض. وقرأ قتادة تغمضوا فيه من التفعيل وقرأ أبو مجلن: تغمضوا بفتح الميم وضم التاء يعني إلا أن تغمض لكم. وقرأ الباقون: تغمضوا.
والاغماض: غض البصر وإطباق جفن على جفن. قال روبة:
أرق عيني عن الإغماض برق سرى في عارض نهاض وأراد هاهنا التجويز والترخص والمساهلة، وذلك إن الرجل إذا رأى ما يكره أغمض عينه لئلا يرى جميع ما يفعل، ثم كثر ذلك حتى جعل كل تجاوز ومساهلة في البيع إغماضا.
قال الطرماح:
لم يفتنا بالوتر قوم وللضي م رجال يرضون بالإغماض قال علي والبراء بن عازب: معناه: لو كان لأحدكم على رجل حق فجاءه بهذا، لم يأخذه إلا وهو يرى أنة قد أغمض عن بعض حقه. وهي رواية العوفي عن ابن عباس.
وروى الوالبي عنه: ولستم بآخذي هذا الردي لو كان لأحدكم على الآخر حق بحساب الجيد حتى تنقصوه.
الحسن وقتادة: لو وجدتموه بياعا في السوق ما أخذتموه بسعر الجيد حتى يغمض لكم من ثمنه.
وروي عن الفراء أيضا قال: لو أهدي ذلك لكم ما أخذتموه إلا على استحياء من صاحبه وغيظ أنه بعث إليك بما لم يكن فيه حاجة، فكيف ترضون لي مالا ترضون لأنفسكم؟
أخبر الله تعالى أن أهل السهمان شركاء رب المال في ماله فإذا كان ماله كله جيدا فهم
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»