تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٠
خيطه حتى نظم غلفهم فجاء بها إلى طالوت فألقى إليه وقال: ادفع إلي امرأتي، فزوجه أبنته وأجرى خاتمه في ملكه.
فمال الناس إلى داود وأحبوه وأكثروا ذكره، فوجد طالوت من ذلك وحسده فأراد قتله، فأخبر بذلك بنت طالوت رجل يقال له ذو المغنيين، فقالت لداود: إنك لمقتول الليلة.
قال: ومن يقتلني؟
قالت: أبي.
قال: وهل جزمت جزما؟
قالت: حدثني من لا يكذب ولا عليك لن تفوت الليلة حتى تنظر مصداق ذلك.
فقال: لئن كان أراد ذلك ما أستطيع خروجا ولكن ائتيني بزق من خمر، فأتته، فوضعه في مضجعه على السرير.
وسجاه ودخل تحت السرير فدخل طالوت نصف الليل وأراد أن يقتل داود فقال لها: أين بعلك؟
فقالت: هو نائم على السرير، فضربه ضربة بالسيف فسال الخمر، فلما وجد ريح الشراب قال: يرحم الله داود ما أكثر شربه الخمر وخرج، فلما أصبح علم أنه لم يفعل شيئا.
فقال: إن رجلا طلبت منه ما طلبت لخليق أن لا يدعني حتى يدرك مني ثأره، فشدد حجابه وحراسه وأغلق دونه أبوابه.
ثم إن داود أتاه ليلة وقد هدأت العيون وأعمى الله تعالى الحجبة وفتح له الأبواب فدخل عليه وهو نائم على فراشه فوضع سهما عند رأسه وسهما عند رجليه وسهما عن يمينه وسهما عن شماله ثم خرج. فلما استيقظ طالوت أبصر بالسهام فعرفها فقال: يرحم الله داود فهو خير مني، ظفرت به فقصدت قتله وظفر بي فكف عني، ولو شاء لوضع هذا السهم في حلقي. وما أنا بالذي آمنه.
فلما كانت المقابلة أتاه ثانيا فأعمى الله الحجاب فدخل عليه وهو نائم وأخذ إبريق طالوت الذي كان يتوضأ منه وكوزه الذي كان يشرب منه وقطع شعرات من لحيته وشيئا من هدب ثيابه ثم خرج وهرب وتوارى.
فلما أصبح طالوت ورأى ذلك، سلط على داود العيون وطلبه أشد الطلب فلم يقدر عليه، ثم إن طالوت ركب يوما فوجد داود يمشي في البرية، فقال طالوت: اليوم أقتل داود أنا راكب وهو ماش، وكان داود إذا فزع لم يدرك فركض طالوت على أثره، فاشتد داود فدخل غارا فأوحى الله تعالى إلى العنكبوت فنسجت عليه بيتا.
(٢٢٠)
مفاتيح البحث: القتل (3)، الفزع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»