تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢١٩
في مخلاته.
فمر بحجر آخر فقال: احملني فإني حجرك الذي تقتل بي جالوت، وقد خبأني الله لك، فوضعها في مخلاته.
فلما تصافوا القتال وبرز جالوت وسأل المبارزة، انتدب له داود فأعطاه طالوت فرسا ودرعا وسلاحا، فلبس السلاح وركب الفرس، فسار قريبا ثم انصرف فرجع إلى الملك، فقال من حوله: جبن الغلام فجاء فوقف على الملك، فقال: ما شأنك؟
فقال: إن الله إن لم ينصرني لا يغني عني السلاح شيئا فدعني أقاتل كما أريد.
قال: نعم، فأخذ داود مخلاته فتقلدها وأخذ المقلاع ومضى نحو جالوت، وكان جالوت من أشد الناس وأقواهم وكان يهزم الجيوش وحده وكان له بيضة فيها ثلاث مائة من حديد، فلما نظر إلى داود ألقى في قلبه فقال له: أنت تبرز لي؟
قال: نعم.
وكان جالوت على فرس أبلق عليه السلاح التام.
قال: فأتيتني بالمقلاع والحجر كما تؤتى الكلاب؟
قال: نعم، لأنت شر من الكلب.
قال: لا جرم لأقسمن لحمك بين سباع الأرض وطير السماء.
قال داود: أو يقسم الله لحمك.
ثم قال داود: باسم إله إبراهيم وأخرج حجرا، ثم أخرج الآخر وقال: باسم إله إسحاق ووضعه في مقلاعه، ثم أخرج الثالث وقال: باسم إله يعقوب ووضعه في مقلاعه فصار كلها حجرا واحدا، ودور المقلاع ورماه به فسخر الله الريح حتى أصاب الحجر أنف البيضة فخالط دماغه فخرج من قفاه وقتل من وراءه ثلاثين رجلا، وهزم الله سبحانه الجيش وخر جالوت قتيلا فأخذه فجره حتى ألقاه بين يدي طالوت.
ففرح المسلمون فرحا شديدا وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين والناس يذكرون داود فجاء داود طالوت، وقال: أنجز لي ما وعدتني وأعطني امرأتي، فقال له: أتريد ابنة الملك بغير صداق.
قال داود: ما شرطت علي صداقا وليس لي شيء.
قال: لا أكلفك إلا ما تطيق، أنت رجل حربي وفي جبالنا أعداء لنا غلف، فإذا قتلت منهم مائتي رجل وجئتني بغلفهم زوجتك ابنتي، فأتاهم فجعل كلما قتل منهم رجلا نظم غلفته في
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»