قوم يحمدونك ويسبحونك ويقدسونك ويهللونك ويكبرونك؛ فبقيت وحيدا لا قوم لي، فأوحى الله إليه: إني قد جعلت حياتهم إليك، فقال حزقيل: أحيوا بأمر الله، فعاشوا.
وقال: وثمت أصابهم بلاء وشدة من الزمان فشكوا ما أصابهم وقالوا: ما لبثنا، متنا واسترحنا مما نحن فيه؛ فأوحى الله تعالى إلى حزقيل: إن قومك قد صاحوا من البلاء وزعموا أنهم ودوا لو ماتوا واستراحوا وأي راحة لهم في الموت، أيظنون أني لا أقدر أن أبعثهم بعد الموت، فانطلق إلى جبانة كذا فإن فيها قوما أمواتا، فأتاهم فقال الله: يا حزقيل قم فنادهم، وكانت أجسادهم وعظامهم قد تفرقت، فنادى حزقيل: أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي باللحم، فاكتست جميعا باللحم، وبعد اللحم جلدا ودما وعصبا وعروقا وكانت أجسادا، ثم نادى أيتها الأرواح إن الله يأمرك أن تعودي في أجسادك، فقاموا جميعا وعليهم ثيابهم التي ماتوا فيها، وكبروا تكبيرة واحدة.
وروى المنصور بن المعتمر عن مجاهد أنهم قالوا حين أحيوا: سبحانك ربنا وبحمدك، لا إله إلا أنت، فرجعوا إلى قومهم بعد ما أحياهم الله، وتناسلوا وعاشوا دهرا يعرفون أنهم كانوا موتى، سحنة الموت على وجوههم، لا يلبسون ثوبا إلا عاد دسما مثل الكفن حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت عليهم.
قال ابن عباس: فإنها لتوجد اليوم في ذلك السبط من اليهود تلك الريح.
قال قتادة: مقتهم الله تعالى على فرارهم من الموت، فأماتهم (عقربة) ثم بعثهم إلى بقية آجالهم ليستوفوها، ولو كان آجال القوم جاءت ما بعثوا بعد موتهم، فذلك قوله " * (ألم تر إلى الذين خرجوا) *) ألم تر أي ألم تخبر، ألم تعلم بإعلامي إياك وهو رؤية القلب لا رؤية العين؛ فصار تصديق أخبار الله عز وجل كالنظر إليه عيانا.
وقال أهل المعاني: هو تعجب وتعظيم يقول: هل رأيت مثلهم كما تقول: ألم تر إلى ما يصنع فلان؟ وكل لم في القرآن من قوله " * (ألم تر) *) ولم يعاينه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا وجهه ومعناه، وقرأها كلها أبو عبد الرحمن السلمي " * (ألم تر) *) بسكون الراء وهي لغة قسم من العرب لما حذفوا الياء للجزم توهموا أن الراء آخر الكلمة فسكنوها، وأنشد الفراء:
قالت سليمى سر لنا دقيقا إلى الذين خرجوا من ديارهم " * (وهم) *) واو الحال " * (ألوف) *) جمع ألف، وقال ابن زيد: مؤتلف قلوبهم جعله جمع ألف مثل جالس وجلوس وقاعد وقعود " * (حذر الموت) *) أي من خوف