تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٥٢
وإثمهما أكبر من نفعهما، وقوله: حوبا كبيرا " * (ومنافع للناس) *) وهي ما كانوا يصيبونها في الخمر من التجارة واللذة عند شربهما يقول الأعشى:
لنا من صحاها خبث نفس وكابة وذكرى هموم ما تفك أذاتها وعند العشاء طيب نفس ولذة ومال كثير عدة نشواتها ومنفعة الميسر ما يصاب من القمار ويرتفق به الفقراء.
" * (وإثمهما أكبر من نفعهما) *) قال المفسرون: إثم الخمر هو أن الرجل يشرب فيسكر فيؤذي الناس، وإثم الميسر أن يقامر الرجل فيمنع الحق ويظلم.
وقال الضحاك والربيع: المنافع قبل التحريم، والإثم بعد التحريم.
" * (ويسألونك ماذا ينفقون) *) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حثهم على الصدقة ورغبهم فيها من غير عزم قالوا: يا رسول الله ماذا ننفق؟ وعلى من نتصدق؟ فأنزل الله تعالى " * (يسألونك ماذا ينفقون) *) أي شيء ينفقون وللاستفهام " * (قل العفو) *) قرأ الحسن وقتادة وابن أبي إسحاق وأبو عمرو " * (قل العفو) *) بالرفع، واختاره محمد بن السدي على معنى: الذي ينفقون هو العفو، دليله قوله: " * (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين) *) وقرأ الآخرون بالنصب واختاره أبو عبيد وأبو حاتم: قل ينفقون العفو.
واختلفوا في معنى العفو، فقال عبد الله بن عمرو ومحمد بن كعب وقتادة وعطاء والسدي وابن أبي ليلى: هو ما فضل من المال عن العيال، وهي رواية مقسم عن ابن عباس.
الحسن: هو أن لا تجهد مالك في النفقة ثم تقعد تسأل الناس.
الوالبي عن ابن عباس: ما لا يتبين في أموالكم.
مجاهد: صدقة عن تطهير غني.
عمرو بن دينار وعطاء: الوسط من النفقة ما لم يكن إسرافا ولا إقتارا. الضحاك: الطاقة. العوفي عن ابن عباس: ما اتوك به من شيء قليل أو كثير فاقبله منهم.
طاووس وعطاء الخراساني: سمعنا (بشرا) قال: العفو اليسر من كل شيء.
الربيع: العفو الطيب، يقول: أفضل مالك هو النفقة.
وكلها متقاربة في المعنى، ومعنى العفو في اللغة الزيادة والكثرة قال الله: " * (حتى عفوا) *) أي كثروا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعفوا اللحى). قال الشاعر:
ولكنا يعض السيف منا بأسوق عافيات الشحم كوم أي كثيرات الشحوم، والعفو ما يغمض الانسان فيه فيأخذه أو يعطيه سهلا بلا كلف من قول العرب: عفا أي نال سهلا من غير إكراه، ونظير هذه الآية من الأخبار ما روى أبو هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله عندي خير، قال: (أنفقه على نفسك) قال: عندي آخر، قال: (انفقه على أهلك) قال: عندي آخر، قال: (أنفقه على ولدك) قال: عندي آخر، قال: (أنفقه على
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»