تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٢٢
فقال: أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا، ثم قتله قسطاس، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخبر قال لأصحابه: أيكم يحتمل خبيبا عن خشبته فله الجنة؟ قال الزبير بن العوام: أنا يا رسول الله وصاحبي المقداد بن الأسود فخرجا يمشيان بالليل ويكتمان بالنهار حتى أتيا التنعيم ليلا فإذا حول الخشبة أربعون من المشركين نيام (نشاوى) فأنزلاه فإذا هو رطب ينثني لم يتغير منه شيء بعد أربعين يوما ويده على جراحته تخضب دما، اللون لون الدم والريح ريح المسك فحمله الزبير على فرسه وسار فانتبه الكفار وقد فقدوا حبيبا فأخبر بذلك قريشا فركب منهم سبعون فلما لحقوهما قذف الزبير حبيبا فابتلعته الأرض فسمي بليع الأرض.
فقال الزبير: ما جرأكم علينا يا معشر قريش ثم رفع العمامة عن رأسه فقال: أنا الزبير بن العوام وأمي صفية بنت عبد المطلب وصاحبي المقداد بن الأسود أسدان رابضان يدفعان عن شبلهما فإن شئتم ناضلتكم وإن شئتم نازلتكم وإن شئتم إنصرفتم، فإنصرفوا إلى مكة، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبرئيل عنده فقال: يا محمد إن الملائكة لتباهي بهذين من أصحابك فقال رجال من المنافقين في أصحاب حيبب ياويح لهؤلاء المقتولين الذين هلكوا لأنهم قعدوا في بيوتهم ولاهم أدوا رسالة صاحبهم، فأنزل الله في الزبير والمقداد بن الأسود وحبيب وأصحابه المؤمنين وفيمن طعن عليهم من المنافقين " * (ومن الناس من يعجبك) *) يامحمد " * (قوله في الحياة الدنيا) *) أي تستحسنه ويعظم في قلبك ومنه العجب لأنه تعظم في النفس.
فقال في الخبر الاستحسان والمحبة: أعجبني كذا، وفي الإنكار والكراهية: عجبت من كذا، وأصل العجب مالم يكن مثله قاله المفضل.
" * (ويشهد الله على ما في قلبه) *) يعني قول المنافق والله إني بك لمؤمن ولك محب.
وقرأ ابن محيصن: ويشهد الله بفتح الياء والهاء ورفع الهاء من قوله أي يظهر أمرا ويقول قولا ويعلم الله خلاف ذلك منه وفي مصحف أبي ويستشهد الله وهي حجة لقراءة العامة.
" * (وهو ألد الخصام) *) أي شديد الخصومة.
يقال منه لددت يا هذا وأنت تلد لدا ولداد، وإذا أردت إنه غلب خصمه قلت لده يلدة لدا.
ويقال: رجل الد وامرأة لداء ورجال ونساء لد.
قال الله تعالى " * (وتنذر ربه قوما لدا) *)) .
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»