فرجعت عودي على بدئي إلى أن وافيت الموضع فإذا (نفقتي) بحالها فأخذتها ورجعت وكنت قد صادفت الوادي مملوءة قردة وخنازير وغير ذلك فجزعت عنه، ثم إني رجعت فإذا هم على حالهم حتى دخلت على أبي عبيدة قبيل الصبح فسألني عن أمري فخبرته وذكرت القردة، قال: تلك ذنوب بني آدم تركوها وانصرفوا.
" * (فإذا قضيتم مناسككم) *) (فرغتم) من حجكم وذبحتم مناسككم يقال منه نسك الرجل ينسك نسكا ونسكا ونسيكة ومنسكا إذا ذبح نسكه، والمنسك المذبح مثل المشرق والمغرب، ويقال من (العهد) نسك ومنسك ومونسكا ونسكا ونساكه إذا... نظر، وأبو عمرو يدغم الكاف في الكاف فيه وفي أخواته في كل القرآن مثل قوله " * (ما سلككم) *) لأنهما مثلان.
قال الشاعر:
ولا (نشار) لك عندي بعد واحدة لا والذي أصبحت عندي له نعم " * (فآذكروا الله كذكركم آباءكم) *).
قال أكثر المفسرين في هذه الآية: كانت العرب إذا فرغوا من حجهم وقفوا عند البيت وذكروا مآثر أبائهم ومفاخرهم فكان الرجل يقول إن أبي كان يقرى الضيف ويضرب بالسيف ويطعم الطعام وينحر الجزور ويفك العاني ويجز النواصي ويفعل كذا وكذا فيتفاخرون بذلك فأمرهم الله بذكره فقال: فاذكروني فأنا الذي فعلت ذلك بكم وبآبائكم وأحسنت إليكم وإليهم.
قال السدي: كانت العرب إذا قضيت مناسكها وأقاموا بمنى يقوم الرجل فيسأل الله ويقول اللهم إن أبي كان عظيم (الحجة) عظيم القبة كثير المال فأعطني كل ما أعطيت أبي ليس يذكر الله إنما يذكر ويسأل أن يعطى في دنياه فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال ابن عباس وعطاء والربيع والضحاك: معناه فاذكروا الله كذكر الصبيان الصغار الأباء وهو قول الصبي أول ما يفصح ويفقه الكلام (أبه أمه) ثم يلهج بأبيه وأمه.
عن أبي الجوزاء قال: قلت لابن عباس أخبرنا عن قوله " * (فاذكروا الله كذكركم آباءكم) *) وقد يأتي على الرجل اليوم لا يذكر أباه فيه. فقال ابن عباس: ليس كذلك ولكن من يغضب الله إذا عصى بأشد من غضبك لوالديك إذا أهنتهما.
القرظي: في قوله " * (اذكروا الله كذكركم آباءكم) *) قال كذكركم آباءكم إياكم