يفيضون منهما قبل غروب الشمس ومن جمع بعد طلوعها، وكانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير فأمر الله مخالفتهم في الدفعتين جميعا.
وروى أبو صالح عن ابن عباس أنه نظر إلى الناس ليلا جمع فقال: لقد أدركت الناس هذه الليلة ما ينامون تأولون قول الله تعالى * (فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * * (واذكروه كما هداكم) *) لدينه ومناسك حجه " * (وإن كنتم من قبله لمن الضالين) *) يعني وما كنتم من قبله إلا من الضالين كقوله " * (وإن نظنك لمن الكاذبين) *) يعني وان نظنك إلا من الكاذبين.
قال الشاعر:
ثكلتك أمك إن قتلت لمسلما حلت عليك عقوبة الرحمن أي ما قتلت إلا مسلما.
والهاء في قوله (من قبله) عائدة إلى الهدي، وإن شئت على الرسول صلى الله عليه وسلم، كناية عن غير مذكور.
" * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) *) الآية.
قال عامة المفسرين: كانت قريش وحلفاؤها ومن دان (بدينها) وهم الحمس لا يخرجون من الحرم إلى عرفات وكانوا يقفون بالمزدلفة ويقولون نحن أهل الله وقطان حرمه فلا يخلو الحرم ولا نخرج منها، فلسنا كسائر الناس وكانوا يتعاظمون ان يقفوا مع سائر العرب بعرفات، ويقول بعضهم لبعض ألا تعظموا إلا الحرم فإنكم إن عظمتم غير الحرم تهاون الناس بحرمتكم فوقفوا الجميع فإذا أفاض الناس من عرفات أفاضوا من المشعر وهو المزدلفة وأمرهم الله أن يقفوا بعرفات ويفيضوا منها إلى جمع مع سائر الناس وأخبرهم أنها سنة إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل ث.
وقال بعضهم: المخاطبون بهذه الآية المسلمون كلهم والمعنى بقوله " * (من حيث أفاض الناس) *) جمع أي أفيضوا من جمع إلى منى، وهذا القول أشبه بظاهر القرآن، لأن الإفاضة من عرفات قبل الإفاضة من جمع بلا شك فكيف يسوغ أن يقول: (فإذا أفضم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) وأما الناس في هذه الآية فهم العرب كلهم غير الحمس.
الكلبي بإسناده: هم أهل اليمن (وربيعة).
الضحاك: الناس هاهنا إبراهيم وحده، يدل عليه قوله " * (أم يحسدون الناس) *) يعني