وهو الباقي مع البقاء ألا ترى كيف خصهم بالإيمان على شرط التسليم.
قوله تعالى: * (وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين) * [الآية: 71].
قال جعفر: شتان بين ما تشتهي وبين ما تلذ الأعين لأن جميع ما في الجنة من النعيم والشهوات واللذات في جنب ما تلذ الأعين كأصبع غمست في البحر لأن شهوات الجنة لها حد ونهاية لأنها مخلوقة ولا تلذ الأعين في الدار الباقية إلا بالنظر إلى الباقي تعالى ولا حد لذلك ولا صفة ولا نهاية.
قال الواسطي رحمة الله عليه: هذا الذي ذكر ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ثوابا لأوليائه لم يقدر أحد أن يصفه كيف يقدر أحد على وصف المثبت.
سمعت النصرآباذي يقول: وأنتم فيها خالدون على شهوة النفوس أو لذة الأعين أن كان خلودكم لهذين فالفناء خير من ذلك الخلود إن كان خلودكم لثناء اوصافكم واتصافكم لصفة الحق ومقامكم فيها على سرور الرضا وانس المشاهدة فأنتم إذن أنتم.
وقال سهل: فيها ما تشتهي الأنفس من ثواب الأعمال وتلذ الأعين بما فضل الله به من التمكين في وقت اللقاء.
قوله تعالى: * (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) * [الآية: 72].
قال ابن عطاء: الجنة ميراث الأعمال لأنها مخلوقة فوارث المثل مثله والكتاب ميراث أصفيائه فإنهما صفتان من صفات الحق قال الله تعالى: * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) *.
قال تعالى: * (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم) * [الآية: 80].
قال يحيى بن معاذ: من ستر للناس ذنوبه وابداها للذي لا يخفى عليه شيء في السماوات والأرض فقد جعل ربه أهون الناظرين إليه وهو من علامات النفاق، قال الله تعالى: * (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم) * ما يسرون من الذنوب * (ونجواهم) * ما يخفون من المعاصي بلى والكرام الكاتبون شاهد على ظواهرهم وأنا شاهد على بواطنهم، قال الله تعالى: * (ورسلنا لديهم يكتبون) * [الآية: 80].
قال ابن عطاء: اعذرهم في جهلهم بحقك واتركهم لحرماتك وسلم عليهم ليسلموا من توابع البلاء عليهم.