قال بعضهم: الإسلام للظالمين والإيمان للمقتصدين والإحسان للسابقين.
وقال محمد بن علي الإيمان للظالمين والمعرفة للمقتصدين والحقيقة للسابقين.
وقال أبو يزيد رحمة الله عليه الظالم في ميدان العلم والمقتصد في ميدان المعرفة والسابق في ميدان الوجد.
قال ابن عطاء: العبادة غاية الظلم لنفسه والعبودية غاية المقتصدين ونهايتهم والعبودية تحقيق ومشاهدة للسابقين.
قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: الظالم معذور والمقتصد معاتب والسابق ناج مقرب.
قال الجنيد - رحمة الله عليه -: الظالم مضروب بسوط الغفلة مقتول بسيف الأمل مطروح على باب الرحمة والمشيئة، والمقتصد مضروب بسوط الندامة مقتول بسيف الحسرة مطروح على باب الفقر والسابق مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مطروح على باب المشاهدة والبشرى واللقاء.
قال ابن عطاء: قدم الظالم كي لا ييأس من فضله. وقال: السابق مقدم بسبقه لكن اظهر لطفه وكرمه بتقديم الظالم ليعرفوا كرمه ويرجعوا إليه.
قال الجنيد - رحمة الله عليه -: الظالم لنفسه وهو على وجهين أحدهما يظلم نفسه فيحرمها حظها من الدنيا وظالم لنفسه يحرمها حظها من الآخرة فالظالم لنفسه الذي يحرمها حظها من الشهوات والإرادات من حظوظ الدنيا وظالم لنفسه بأن حرمها شهوة الآخرة حتى لا يطلب الجنة والثواب لأجل نفسه فإن كليهما من حظوظ النفس بل طلب ربه على غير حظ للنفس فيه فهذا الظالم على هذا المعنى مقدم على المقتصد والسابق فإن المقتصد والسابق طالبان حظوظهما وواقعان مع أنفسهما ذا واقف مع نفسه وذا واقف مع اقتصاده وهذا ظلم نفسه وأفناها ومنعها حظوظها فهو فان عن حظوظه فلذلك يسبق السابقين.
قال ابن عطاء: يحتاج قائل كلمة التوحيد إلى ثلاثة أنوار: نور الهداية ونور الكفاية ونور الرعاية والعناية فمن من الله عليه بأنوار الهداية فهو معصوم من الشرك والنفاق ومن من عليه بأنوار الكفاية فهو معصوم من الكبائر والفواحش ومن من الله عليه بأنوار الرعاية والعناية فهو محفوظ من الخطرات الفاسدة والحركات التي هي لأهل الغفلات