تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ١٦٨
المجاهدات فتكون أوقاته كلها مستوفاة لا يكون لنفسه نفس في مراده ويقتصد في طلب الدنيا وما يبعده عن ربه ويقطعه عنه ويسبق السابقين في البدار إلى ميادين الرضا ومعادن الحقيقة لذلك.
قال السيد الماضي: السباق السباق قولا وفعلا حذر النفس حسرة المسبوق.
قال بعضهم: الظالم الطالب للدنيا متمتعا بها، والمقتصد الطالب لها متزودا منها، والسابق التارك لها والمعرض عنها.
قال بعضهم: الظالم الذي يعبده خوفا من النار والمقتصد الذي يعبده طمعا في الجنة والسابق الذي يعبده له لا لسبب.
قال بعضهم: الظالم الزاهد والمقتصد العارف والسابق المحب المشتاق.
قال بعضهم: الظالم الواعظ بلسانه والمقتصد الواعظ بعمله والسابق الواعظ بسره.
قال بعضهم: الظالم المظهر لفقره والمقتصد المسر لفقره والسابق المستغني بفقره.
قال بعضهم: الظالم الذي يجزع عند البلاء والمقتصد الذي يصبر على البلاء والسابق الذي يتلذذ بالبلاء.
قال بعضهم: الظالم من غلبت نفسه قلبه والمقتصد من غلب قلبه نفسه والسابق من كان قلبه ونفسه في حراسة الحق.
قال بعضهم: الظالم في الطلب والمقتصد في الهرب والسابق متمكن.
قال بعضهم: الظالم طلب وهو يرجو أن يجد والمقتصد طلب ووجد البعض ويرجو الإتمام والسابق مطلوب.
قال بعضهم: الزبير قاصد والمقتصد وارد والسابق ما مكن فالقاصد شغله في قصده والوارد شغله فيما ورد عليه منه وفيما ورد عليه والمتمكن نسي منزله لما عاين من حسن قيام الله به وله، وهؤلاء ثلاثة: قوم غابوا عن وصفهم وحظهم والأوقات وقوم جازوا درجة النعوت والصفات وقوم اشتملت عليهم أنوار الذات فهم في أنواره يتقلبون وعن حكمه ينطقون.
قال بعضهم: الظالم النفس لأنها لا تألف الحق أبدا والمقتصد القلب لأنه ساعة وساعة والسابق الروح لأنها لا تغيب عن المشاهدة.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»