إلا وتحتها تهنئة ولا تهنئة إلا وتحتها تعزية فلما قال: * (فمنهم ظالم لنفسه) * كان ذلك تهنئة له وتعزية للظالم، ثم ذكر السابق بالخيرات وفي ذلك تهنئة له وتعزية للمقتصد لأن الله يقول: * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) * والظالم لنفسه افتقر إلى حال المقتصد والمقتصد لم يفتقر إلى حال الظالم لنفسه والمقتصد أفتقر إلى حال السابق والسابق لم يفتقر إلى حال المقتصد لأن من نال أعلى المراتب فقد جاز ما دونه والمقتصد قد جاز مرتبة الظالم لنفسه ونال ما هو أعلى منه والسابق قد جاز مرتبة المقتصد ونال أعلى منها فلا يفتقر إلى ما هو دونها.
قال بعضهم: الظالم هو طالب الدنيا، والمقتصد طالب العقبى، والصادق طالب المولى.
قال الحسين: الظالم الباقي مع حاله والمقتصد الفاني في حاله والسابق المستغرق في فناء حاله.
قال بعضهم: الظالم محجوب بالغفلة والمقتصد واقف في طلب الثواب والسابق فإن في رؤية الصفات.
قال النصرآباذي في قوله: * (ثم أورثنا الكتاب) * قال: لا ميراث إلا عن نسبة صحح النسبة ثم ادعى الميراث.
وقال أيضا: ميراث الكتاب الذين فهموا عن الله كتابه وكل فهم على قدره والظالم فهم منه محل المعرفة والثواب والعقاب والمقتصد فهم محل الجزاء والإعراض والجنان والسابق استرقه التلذذ بالخطاب عن أن يرجع منه إلى شيء سواه.
قال بعضهم: الظالم نظر من النعمة إلى المنعم والمقتصد نظر من المنعم إلى النعمة، والسابق نظر من المنعم إلى المنعم لم يكن منه فضلا أن يلاحظ شيئا سواه أو يشهد غيره.
قال أبو يزيد - رحمة الله عليه -: في قوله * (ثم أورثنا الكتاب) * الآية. قال الظالم مضروب بسوط مقتول بسيف الحرص مضطجع على باب الرجاء والمقتصد مضروب بسوط الحسوة مقتول بسيف الندامة مضطجع على باب الكرامة والسابق مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مضطجع على باب الهيبة.