تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
الدنيا في الشهوات فهو متحير في الحسبانات.
وقال يحيى بن معاذ * (اصطفينا من عبادنا) * قال: هم أمة محمد حين روى عنه أنه قال : ' سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له '. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم كثيرا.
وقال يحيى: اصطفاهم عن كدورتهم وأخلصهم لفهم القرآن والقيام بحدوده.
وأيضا: اصطفاهم بالمشاهدة والموافقة ولما أسر إليهم من مجالسته ومؤانسته.
قال الواسطي - رحمة الله عليه -: اخرجوا بالفضل وغذوا بالفضل ويريدون الفضل بلا مواساة ولا مكافأة ولا عوض من ذلك.
قال قائل: من أهل الحقيقة انه من كرمه لا يقبل إلا كل معيب بحال وقيل: إنه لا يقبل إلا كل مجيب يجيبه لخطابه وهداه لقرائه واشتملت عليه أنواره وظهرت عليه آثاره فهو في آثاره يتردد ومن ذلك قوله: أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا اصطفاهم في أزليته وصفاهم عند خلقتهم.
وقال جعفر: النفس ظالمة والقلب مقتصد والروح سابق.
وقال أيضا: من نظر بنفسه إلى الدنيا فهو ظالم ومن نظر بقلبه إلى الآخرة فهو مقتصد ومن نظر بروحه إلى الحق فهو سابق.
وقال محمد بن علي الترمذي: الاصطفائية أوجبت الإرث والاصطفائية جمعت بين الظالم والمقتصد والسابق فالظالم لنفسه على الظاهر سابق في ميدان الاصطفائية لذلك قدمه وأزال العلل عن العطايا فقال: * (جنات عدن يدخلونها) *.
وقال القاسم: الظالم ذاكر والمقتصد متذكر والسابق غير ذاكر ومتذكر لأنه ليس في حد الغفلة والنسيان فيذكر ويتذكر ومعناه: أن الظالم ينساه وقت معصيته فيذكره في وقت توبته والمقتصد يتكلف في ذكره ويجتهد في أن لا ينساه والسابق لا ينساه في وقت فيحتاج أن يذكره. وأنشد القاسم:
* أبلغ أخاك أخا الإحسان مخبرة * أنى وإن كنت لا ألقاه ألقاه *
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»