تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٤٤٢
يتمتع أقيم مقام المواجهة، وأطلق مصطنعة لسانه بطرا إلى أليق الأحوال به فسأل قلبه، وشرح صدره لتتسع لمقام المواجهة والمخاطبة ثم نظر إلى أليق الأحوال به فإذا هو تيسر أمره فسأل ذلك على تمام الترقي به حاله إلى أرفع المقام وهو المجيء إلى الله بالله لعلمه بأن من وصل إليه لا يعترض عليه عارضة محال ثم نظر إلى أليق الأحوال به فسأل حل العقدة من لسانه ليكون إذ ذاك لنطقه وبيانه فلما تمت له هذه الأحوال صلح إلى الله وكان للمجيد ممن وفى المواقيت حقها غابت عنه الأحوال فلم يرها وذهبت عن عينه وظهوره وما عداها إلا ما كان للحق منه، ومعه حتى تحقق بقوله * (قد أوتيت سؤلك يا موسى) *.
قال بعضهم: سأله حل عقدة الحياء عنه فإنه استحيى أن يخاطب عدو الله فرعون بلسان خاطب الحق.
قوله تعالى: * (كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا) * [الآية: 33 - 34].
قال ابن عطاء: لا يخطرن بسرك ما خطر لموسى. حيث قال: * (كي نسبحك كثيرا) * استكثر ما منا من العبادة والتسبيح لا يخطرن بك ما خطر به.
قال جعفر: قيل لموسى: استكثرت تسبيحك وتكبيرك ونسيت بدايات فضلنا عليك في حفظك في اليم وردك إلى أمك وتربيتك في حجر عدوك، وأكثر من هذا كله خطابنا معك وكلامنا إياك، وأكثر من هذا كله إخبارنا باصطناعنا لك.
قال ابن عطاء: اشرح لي صدري بنور القربة، واحلل عقدة من لساني. أي: عقدة الاختيار.
وقال أيضا: واحلل عقدة من لساني. أي: عقدة الإنسانية حتى لا يكون كلامي إلا عنك وبك.
كان الواسطي: إذا ضرب عليه ضربته نسي كثير تسبيحه وأرجع إلى حال الالتجاء.
قوله تعالى: * (قد أوتيت سؤلك يا موسى) * [الآية: 36].
قال الواسطي رحمه الله: سأل ربه ابتداء شرح صدره فجاز الاقتداء به للعوام دون الخواص لأن الله أعلم بما فيه إبلاغ رسالته وأداء أمانته ألا ترى إلى قوله: * (قد أوتيت سؤلك يا موسى ولقد مننا عليك مرة أخرى) * [الآية: 37].
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»