وقال ابن عطاء: اخلع نعليك أي: أسقط عنك محل الفصل والوصل فقد حصلت في الواد المقدس وهو الذي يطهرك عن الأحوال أجمع ويبردك إلى محولها عليك.
قيل في قوله: واد المقدس طوى. أي: أطوى عنك بساط المخالفات فقد حصلت في هذا الوادي ومطية طوى عن قلبه ما لا يكون مقدسا.
وقال ابن عطاء: في قوله: * (اخلع نعليك) * أي: انزع عنك قوة الاتصال والانفصال إنك بالواد المقدس أي: بواد الانفراد معي ليس معك أحد سواي.
قوله تعالى: * (وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى) * [الآية: 13].
قول الواسطي: المختار من جهته من هو مصطنعه ومصطفيه، ومربيه على يد أعدائه، والملقى محبته في قلوب عباده فلم يستطيعوا له إلا محبة، والمطلق لسانه بحل العقد والميسر له أمره فلا يعسر عليه مطلوب بحال، كل هذا يقدم إليه وبمن عليه ليكون ثابتا عند مكافحة الخطاب ومواجها لوحي الكلام.
قوله تعالى: * (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني) * [الآية: 14].
قال الواسطي رحمه الله: لا يشغل قلبك بغيري فعلا، وقولا، ولا تكن من أبناء الأفعال والأحصار، والأعمار، والدهور. كن من أبناء الأزل والأبد مطالعا لما سبق من الأولية. وجرى لك في الأخرية، وإن كان كلاهما واحدا.
قال ابن عطاء رحمه الله: إشارة إلى حقيقة الحق إذ الأزل والأبد علة وذكر الأوقات، الدهور علة.
وقال الواسطي رحمه الله: أظهر هذا الخلق في شموخ وعلو في أنفسهم فأمرهم لعلة الفاقة، ولا لعلة الاستغناء تنسما لرؤية الاضطرار قال يا موسى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني. أحب أن يريه عجزه.
وقال أيضا: بالعبرانية خاطب موسى ثم وصف لمحمد صلى الله عليه وسلم بقوله: * (إنني أنا الله لا إله إلا أنا) * هل تلونت الصفة بذلك، فإن قال: لو لونتها اختلاف اللغات لتلونت في اختلاف الأوامر والنواهي.
قال الحسين: * (لا إله إلا أنا) * تنظيف البشر عن الآلهة. وإذا خلا السر من تعظيم غيره، فلا وجه لهذا القول.