وآمن وشاهدني ولم يشهد معي سواي، وعمل صالحا أخلص قلبه لي ثم اهتدى ثم لم يخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم قوله: * (وما أعجلك عن قومك يا موسى) * [الآية: 83].
قال بعضهم: عجلته أوقعته في فتنة قومه حتى قيل له: * (إنا قد فتنا قومك من بعدك) *. وأنشد:
(أقول له عند توديعه * كلانا بعزته مبلس لبس * (لئن رجعت عنك أجسادنا * لقد سافرت معك الأنفس * قوله تعالى: * (وعجلت إليك رب لترضى) * [الآية: 84].
قال الواسطي رحمه الله: عجلت إليك شوقا مني إليك. واستهانة بمن هو أنت مبعوث إليهم فقال: هم أولاء على أثرى وقيل: الشوق فرض أو نافلة: قيل فرض لأنه يتولد من حقيقة الحب، قال النبي صلى الله عليه وسلم حب الله لما يغدوكم من نعمة، وقال لذلك لم تقل الله رضيت لما قال عجلت إليك رب لترضى وقابله الشوق وطلب الرضوان بان بذلك أن الشوق عليهم بعد، والمحبة عنهم أفقد.
وقال أبو العباس الدينوري في هذه الآية: أي لتعلم أني أحبك ولا قرار لي مع غيرك.
قوله تعالى: * (فإنا قد فتنا قومك من بعدك) * [الآية: 85].
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم البزار يقول. قال ابن عطاء في قوله: * (إنا قد فتنا قومك من بعدك) * قال: قال الله: تدري من أين أتيت؟ قال: لا يا رب قال حين قلت لهارون أخلفني في قومي أين كنت أنا حين اعتمدت على هارون؟
قوله تعالى: * (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) * [الآية: 86].
غضبان على ماذا، وأسفا لماذا، قال: غضبان على نفسه إذ ترك قومه حتى ضلوا، وأسفا على ما فاته من مناجاة ربه.
وقال الشبلي: أسفا على ما فاته من مخاطبة الحق من لا أوزان لهم فرده من شوقه إلى شاهده، ولم يظفر بمعيته ولا أسفا من وجده، فغضبه كان من ذلك.
قوله تعالى: * (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق) * [الآية: 99].
قال ابن عطاء: موعظة بعد موعظة، وبيان بعد بيان.