نصب كذلك سير العارفين من سير الزاهدين.
قوله عز وجل: * (ويخلق ما لا تعلمون) * [الآية: 8].
قال بعضهم: علمك الحق الوقوف عندما لا يدركه عقلك من آثار الصنع وفنون العلوم أن تقابله بالإنكار فإنه خلق ما لا تعلمه أنت ولا يعلمه أحد من خلقه إلا من علمه الحق ألا تراه يقول: * (ويخلق ما لا تعلمون) *.
قال القاسم: يقدر عليكم من أفعالكم ما لا تعلمون إلا في وقت مباشرته وهو عالم به لأنه الذي قدر وقضى.
قوله عز وجل: * (وعلى الله قصد السبيل) * [الآية: 9].
قال الواسطي: على الله أن يهدي إلى قصد السبيل ما هو جائر والله تعالى سبب الجائر والسبيل القصد وهو السلوك على أنوار اليقين والجائر من السبل، سبل التوهم والدعاوى.
قوله عز وجل: * (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر) * [الآية: 12].
قال جعفر الصادق: سخر لكم ما في السماوات من الأمطار وما في الأرض من النبات وما في الليل والنهار من أنواع الدواب وسخر لك الملائكة يسبحون لك وما في الأرض من الأنعام والبهائم والفلك والخلق وسخر لكم الكل لك لا يشغلك منه شيء وتكون مسخرا لمن سخر لك هذه الأشياء. فإنه سخر لك كل شيء وسخر قلبك لمحبته، ومعرفته وهو حظ العبد من ربه.
قوله عز وجل: * (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) * [الآية: 16].
قال المالكي: طريق الهداية له أعلام فمن استدل بالأعلام بلغ إلى محل الهدى وكوشف عن معدن النجوى ومن استدل بنجوم المعرفة ومر في طريق الهداية وكان عالما بسراها وصل إلى غاية المنتهى من الطريق ولا دليل على الحق سواه ولا علامة تخبر عنه وهو الدليل على نفسه ليس لأحد إليه سبيل ولا لخلق عليه دليل فمن وصل إليه فيه وصل ومن انقطع عنه فسوابق قضائه عليه.
قوله عز وجل: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) * [الآية: 18].
قال ابن عطاء: إن لك نفسا وقلبا وروحا وعقلا ومحبة ومعرفة ودينا وطاعة ومعصية