قوله تعالى: * (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام) *.
قال ذو النون: مقام المتحققين من العارفين التنزيه والتبري من جميع ما لهم من أنواع الأفعال والأقوال والأحوال وغير ذلك والرجوع إلى الحق على حد التنزيه له، أن يقصده أحد بسببه، أو يتوصل إليه بطاعته، أو يعمل كل لإظهار سعادة الأزل على السعداء وسمات الشقاوة على الأشقياء.
قوله تعالى: * (هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت) * [الآية: 30].
قال: يطالب كل مدع بحقيقة ما ادعاه.
قوله تعالى: * (ومن يدبر الأمر) * [الآية: 31].
قيل: أي تقلب الأكوان.
قال الواسطي رحمة الله عليه: من يبدئ أمره ويعيده، ويبديه في أوقاته السائرة، فإذا قال: من يدبر الأمر أزال الأملاك، فكيف يجوز لقائل أن يقول: فعلي وعملي.
قوله تعالى: * (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال) * [الآية: 32].
قال الحسين: الحق هو المقصود إليه بالعبادات والمصحوب إليه بالطاعات، لا يشهد بغيره، ولا يدرك بسواه.
قال الواسطي: * (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال) * قال: لا يجوز للموحد أن يشهد بشاهد التوحيد، لأنه وصف الأشياء بالضلال، فلم يتهيأ لضال أن يقف، ولا لعاجز أن يصف.
قال الحسين: الحق هو الذي لا يستقبح قبيحا ولا يستحسن حسنا، كيف يعود عليه ما منه بدا، أو يؤثر عليه ما هو أنشأ، وقيل في قوله * (فأنى تصرفون) * من الحق إلى سواه.
قوله تعالى: * (قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده) * [الآية: 34].
قال ابن عطاء: يبدأ بإظهار القدرة فيوجد المعدوم، ثم يعيدها بإظهار الهيئة فيفقد الموجود.
وقيل: يبدأ بكشف الأولياء فيمحو منها كل خاطر سواه، ثم يعيد فيبقى بإبقائه، فلذلك عظم حال العارف ودليله.