ذكر ما في سورة الأنفال بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى ذكره: * (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) * [الآية: 1].
قال سهل: التقوى ترك كل شيء يقع عليه الذم.
وقال: لا تصح التقوى إلا للمقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين.
وقال: التقوى في الآداب: مكارم الأخلاق. وفي الترغيب أن لا يظهر ما في سره، وفي الترهيب أن لا يقف مع الجهل.
قوله تعالى: * (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) * [الآية: 2].
قال أبو سعيد الخراز في هذه الآية: هل رأيت ذلك الرجل عند سماع الذكر أو عند سماع كتابه؟ وهل أخرسك سماع ذلك الذكر حتى لم تنطق إلا به؟ وهل أصمك حتى لا تسمع إلا منه هيهات؟
وقيل: المؤمن إذا سمع الذكر أو ذكر هو وجل قلبه أي: عاد القلب على اللسان بالذكر وعلى الآذان بسماع الذكر، فاضطرب وهو الوجل الذي ذكره الله عز وجل.
قال سهل في قوله * (وجلت قلوبهم) * قال: هاجت من خشية الفراق فخشعت الجوارح لله بالخدمة.
قال الواسطي رحمة الله عليه: وجلت قلوبهم الوجل على مقدار مطالعته، ربما يريه مواضع السطوة، وربما يريه مواضع المودة والمحبة إن كان يريه التقريب والتبعيد.
قال الجنيد رحمة الله عليه: وجلت قلوبهم من فوات الحق..
وقال بعضهم: الوجل على مقدار المطالعات فإن طالع السطوة هابه، وإن طالع المودة وجل قلبه مخافة فوته.
وجملة ذلك من طالع التقريب بالتأديب وجل، ومن طالع التهديد بالتبعيد وجل ومن طالعه مغيبا عن شاهده قائما سرمده خاليا من أزله وأبده، فلا وجل حينئذ ولا اضطراب ولا تباعد ولا اقتراب، فإنه تحقق بالذات ونسي الصفات وفنى من الذات