قوله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * [الآية: 67].
قال الواسطي: حقائق الرسالة لو وضعت على الجبال لزالت، إلا أنهم يظهرون للعالم على مقادير طاقتهم، ألا ترى إلى قوله تعالى * (بلغ ما أنزل إليك من ربك) * ولم يقل ما تعرفنا به إليك.
وقال بعضهم: الرسول هو المبتدي والنبي هو المقتدي، قال الله تعالى في صفة الأنبياء * (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) *.
وقال بعضهم في قوله: * (بلغ ما أنزل إليك من ربك) * معناه: بلغ ما أنزل إليك من ربك ودع ما تعرفنا به إليك، الأول: الشريعة والثاني: ما أنزل من الأنوار على سر محمد صلى الله عليه وسلم لا يطيقها بسر.
وقال بعضهم: بلغ ما أنزل إليك من ربك ولا تبلغ ما خصصناك به من محل الكشف والمشاهدة فإنهم لا يطيقون سماع ما أطقت حمله من مشاهدات اللذات والتجلي بالصفات.
قوله تعالى: * (والله يعصمك من الناس) *. قيل يعصمك منهم أن يكون منك إليهم التفات، أو يكون لك بهم اشتغال.
وقيل: يعصمك من أن ترى لنفسك فيها شيئا بل ترى الكل منه وبه.
وقال بعضهم: لصون سرك عن الاشتغال بهم والنظر إليهم، لأنك معصوم السر عن مولد الشكوك ونزغات الشيطان وفلتات النفس.
قوله تعالى: * (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا) * [الآية: 69].
قال الواسطي رحمة الله عليه: هم الذين تولى الله إضلالهم وصرف قلوبهم عن إدراك حقائق الحكمة.
قوله تعالى: * (وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا) * [الآية: 71].
قال بعضهم ظنوا أن لا يفتتنوا في آرائهم وأهوائهم فعموا عن رؤية الحق وصموا عن استماعه، إلا من أدركته رحمة الله وفضله فتاب عليه وفتح عينه لرشده.