قال الواسطي رحمة الله عليه: بطل حبهم بذكر حبه لهم بقوله * (يحبهم ويحبونه) * وأنى تقع صفات المعلولة من صفات الأزلي الأبدي.
وقال الشبلي: المحبة استواء الحب في الشدة والرخاء، إذا صح قوله ودعواه.
سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الداري يقول: سمعت أبا عثمان يقول:
إنه قد ذكر حبهم له وحبه لهم، ثم نعتهم في حبه لهم فقال: * (أذلة على المؤمنين) * فبدأ من نعت المحبة بالتواضع الذي ضده الكبر، والكبر يتولد من الجهل الذي يؤدي إلى الأمن واليأس. والتواضع يتولد من حقيقة العلم.
وقال الجنيد: من أثبت محبته لله من غير شرط محبة الله له، كان في دعواه مبطلا حتى يثبت أولا محبة الله له، قال الله تعالى: * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) *.
قوله تعالى: * (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) * [الآية: 54].
قال أبو بكر الوراق: الجهاد ثلاثة: جهاد مع نفسك، وجهاد مع عدوك، وجهاد مع قلبك والجهاد في سبيل الله هو مجاهدة القلب لئلا تتمكن منه الغفلة بحال، وجهاد النفس لا تفتر عن الطاعة بحال، وجهاد الشيطان أن لا يجد منك فرصة فيأخذ منك بحظه.
وقال الجنيد رحمة الله عليه: الناس في مجاهداتهم ثلاثة نفر مرتبطون بأفعالهم وصفاتهم، يقولون في القيامة * (هآؤم اقرءوا كتابيه) * و * (يا ليت قومي يعلمون) * ونفر غلبت صفات الله على سرائرهم، فهم ينظرون إلى السبق وإلى ما جرى به من الحكم، ونفر تجلى الله لقلوبهم فخشعت عما سواه، فهم لا يدركون صفاتهم وأعمالهم، ولا يدركون صفات الحق انقطاعا إلى الله واتصالا به.
قوله تعالى: * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * [الآية: 56].
قال سهل: التوبة لها مقامات وحالات، والتوبة الصحيحة ما قال الله عز وجل:
* (ومن يتول الله ورسوله فإن حزب الله هم الغالبون) *.