تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٥٥٨
فدعا موسى ربه فأرسل الله تعالى ريحا فاحتملت الجراد وألقته في البحر فلم يبق في أرض مصر جرادة واحدة فقال لهم فرعون انظروا هل بقي شيء فنظروا فإذا هو قد بقي لهم بقية من كلئهم وزرعهم ما يكفيهم عامهم ذلك قالوا قد بقي لنا ما في بلغتنا هذه السنة فقالوا يا موسى لا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل فمكثوا شهرا ثم دعا عليهم فأرسل الله تعالى عليهم * (القمل) * قال قتادة القمل أولاد الجراد التي لا تطير وهكذا قال السدي وذكر عن أبي عبيدة أنه قال القمل عند العرب الحمنان وهو ضرب من القردان فلم يبق من أرض مصر عود أخضر إلا أكلته وأتاهم منه مثل السيل على وجه الأرض فأكل كل شيء في أرض مصر من نبات أو ثمر فصاحوا إلى موسى ادع لنا ربك هذه المرة يكشف عنا العذاب ونحن نطيعك ونعطيك عهدا موثقا لنؤمنن بك ولنرسلن معك بني إسرائيل فدعا موسى ربه فأرسل الله تعالى ريحا حارة فأحرقته فلم يبق منه شيء وحملته الريح فألقته في البحر فقال لهم موسى أرسلوا معي بني إسرائيل فقالوا له قد ذهبت الأنزال كلها فأي شيء تفعل بعد هذا فعلى أي شيء نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل اذهب فما استطعت أن تضر بنا فضرنا فإنا لو نؤمن بك ولن نرسل معك بني إسرائيل فمكثوا شهر فدعا الله تعالى عليهم موسى فأرسل الله تعالى * (الضفادع) * فخرجوا من البحر مثل الليل الدامس فغشوا أهل مصر ودخلوا البيوت ووقع على ثيابهم وفرشهم وسررهم وكان الرجل منهم يستيقظ في الليل وقد امتلأ فراشه من الضفادع فكان الرجل يكلم صاحبه يجعل فمه في أذنه ليسمع كلامه من كثرة نقيق الضفادع فضاق الأمر عليهم فصاحوا إلى موسى فقالوا يا موسى لئن رفعت عنها هذه الضفادع لنؤمنن بك ولنرسلن معك بني إسرائيل فدعا موسى ربه فأذهب الله تعالى عنهم الضفادع فقال لهم موسى أرسلوا معي بني إسرائيل فقالوا نعم اخرج بهم ولا تخرج معهم مواشيهم وأموالهم فقال لهم موسى إن الله أمرني أن أخرج بهم ولا أخلف من أموالهم ومواشيهم شيئا فقالوا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل فمكثوا شهرا فدعا عليهم فأرسل الله تعالى عليهم * (الدم) * فجرت أنهارهم دما فلم يكونوا يقدرون على الماء العذب ولا غيره وبنو إسرائيل في الماء العذب وكلما دخل رجل من آل فرعون يستقي من أنهار بني إسرائيل ماء صار الماء دما والماء من بين يديه ومن خلفه فركب فرعون وأشراف أصحابه فأتوا أنهار بني إسرائيل فإذا هي عذبة صافية فجعل يدخل فرعون الرجل منهم فإذا دخل واغترف صار الماء في يده دما فمكثوا كذلك سبعة أيام لا يشربون إلا الدم فمات كثير منهم في ذلك فاستغاثوا بموسى فقال فرعون اقسم بإلهك يا موسى لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن بك ولنرسلن معك بني إسرائيل فدعا موسى ربه فأذهب الله تعالى عنهم الدم وعذب ماؤهم وصفا فعادوا إلى كفرهم فذلك قوله تعالى * (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات) * يعني متتابعات قال
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»