تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٥٤٩
قوله تعالى * (فتولى عنهم) * يعني أعرض عنهم يعني حين خرج من بين أظهرهم * (وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي) * في نزول العذاب * (ونصحت لكم) * وقد ذكرناه * (فكيف آسى على قوم كافرين) * يعني أحزن بعد النصيحة على قوم إن عذبوا سورة الأعراف 94 - 99 قوله تعالى * (وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها) * ففي الآية مضمر ومعناه وما أرسلنا في قرية من نبي فكذبوه إلا أخذنا أهلها * (بالبأساء والضراء) * يعني عاقبنا أهلها بالخوف والبلاء والقحط والفقر ويقال البأساء ما يصيبهم من الشدة في أموالهم والضراء ما يصيبهم في أنفسهم * (لعلهم يضرعون) * فأدغمت التاء في الضاد وأقيم التشديد مقامه ومعناه لكي يدعوا ربهم ويؤمنوا بالرسل ويعرفوا ضعف معبودهم قوله تعالى * (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) * يعني حولنا مكان الشدة الرخاء ومكان الجدوبة الخصب * (حتى عفوا) * كثروا واستغنوا وكثرة أموالهم ولم يشكروا الله تعالى ويقال * (حتى عفوا) * أي حتى سروا به * (وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء) * يعني مثل ما أصاب آباءنا مرة يكون الرخاء ومرة يكون الشدة " فأخذتهم بغتة " يعني فجأة * (وهم لا يشعرون) * يعني أتاهم العذاب من حيث لم يعلموا به ويقال إن الشدة للعام تكون تنبيها وزجرا والنعمة تكون استدراجا وأما النعمة للخاص فهي تنبيه لأنه بعد ذلك عقوبة كما روي أن الله تعالى قال لموسى إذا رأيت الفقر مقبلا إليك فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلا إليك فقل ذنب عجلت عقوبته قوله تعالى * (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا) * يعني وحدوا الله تعالى واتقوا الشرك * (لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) * يعني أنزلنا عليهم من السماء المطر والرزق والنبات من الأرض * (ولكن كذبوا) * الرسل * (فأخذناهم) * يعني عاقبناهم * (بما كانوا يكسبون) * من الشرك ففي الآية دليل أن الكفاية والسعة في الرزق من السعادة إذا كان المرء شاكرا وتكون
(٥٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 ... » »»