تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٥٤٦
المجرمين) يعني كيف كان عاقبة أمرهم وقد بين قصته في سورة هود وقال مجاهد لو أن الذي يعمل عمل قوم لوط اغتسل بكل قطرة في السماء وبكل قطرة في الأرض ما زال نجسا إلى يوم القيامة وقد اختلف الناس في حده قال بعضهم هو كالزاني فإن كان محصن رجم وإن كان غير محصن جلد وروي عن الشعبي أنه قال يرجم في الأحوال كلها محصنا كان أو غير محصن وروي عن علي بن أبي طالب أنه أتي برجل قد عمل ذلك العمل فأمر بأن يلقى من أشرف البناء منكوسا ثم يتبع بالحجارة لأن الله تعالى ذكر قتلهم بالحجارة قال بعضهم يعزر ويحبس حتى يظهر توبته ولا يحد وهو قول أبي حنيفة رحمه الله سورة الأعراف 85 - 87 قوله تعالى * (وإلى مدين أخاهم شعيبا) * يعني أرسلنا إلى أهل مدين نبيهم شعيبا ومدين هو آل مدين وكان مدين بن إبراهيم خليل الرحمن تزوج ريثاء ابنة لوط فولدت آل مدين فتوالدوا وكثروا ثم صار هو اسما للمدينة فسميت المدينة مدين وسمي أولئك القوم مدين فكفروا بالله تعالى ونقصوا الميزان والمكيال في البيع وأظهروا الخيانة فبعث الله تعالى إليهم شعيبا وقال الضحاك كان شعيبا أفضلهم نسبا وأصدقهم حديثا وأحسنهم وجها ويقال إنه بكى من خشية الله تعالى حتى ذهب بصره وصار أعمى فدعا قومه إلى الله تعالى و * (قال يا قوم اعبدوا الله) * يعني وحدوه وأطيعوه " ما لكم من إله غيره قد جاءتكم موعظة من ربكم " قال بعضهم مجيء شعيب عليه السلام إليهم آية ولم يكن لشعيب علامة سوى مجيئه وإخباره بأن الله واحد وقال بعضهم كانت له علامة لأن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا وقد جعل له علامة ليظهر تصديق مقالته إلا أن الله تعالى لم يبين لنا علامته وقد بين علامة بعض الأنبياء ولم يبين علامة الجميع ثم قال " فأوفوا الكيل والميزان بالقسط " يعني أتموا الكيل والميزان بالعدل * (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) * يقول ولا تنقصوا الناس حقوقهم في البيع والشراء * (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) * يعني لا تعملوا في الأرض بالمعاصي بعد ما بين الله تعالى طريق الحق
(٥٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 ... » »»