تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٣٧٤
جميعا) يعني الظفر والنصر كله من الله تعالى وهذا كما قال في آية أخرى * (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) * المنافقون 8 سورة النساء 140 ثم قال عز وجل * (وقد نزل عليكم في الكتاب) * وذلك أن المشركين بمكة كانوا يستهزئون بالقرآن فنهى الله تعالى المسلمين عن القعود معهم وهو قوله " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم " إلى قوله " فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " الأنعام 68 فامتنع المسلمون عن القعود معهم فلما قدموا المدينة كانوا يجلسون مع اليهود والمنافقين وكان اليهود يستهزئون بالقرآن فنزل " فقد نزل عليكم في الكتاب " يعني في سورة الأنعام * (أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها) * يعني يجحد بها * (ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم) * يعني فلا تجلسوا معهم * (حتى يخوضوا في حديث غيره) * يعني حتى يأخذوا في كلام آخر ثم قال * (إنكم إذا مثلهم) * يعني لو جلستم معهم كنتم معهم في الوزر وفي هذه الآية دليل أن من جلس في مجلس المعصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية أو عملوا بها فإن لم يقدر بأن ينكر عليهم ينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية وروى جويبر عن الضحاك أنه قال دخل في هذه الآية كل محدث في الدين وكل مبتدع إلى يوم القيامة قرأ عاصم * (وقد نزل عليكم) * بنصب النون والزاي وقرأ الباقون بضم النون وكسر الزاي على معنى فعل ما لم يسم فاعله ثم قال تعالى * (إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) * يعني إذا ماتوا على كفرهم ونفاقهم فبدأ بالمنافقين لأنهم أشد من الكفار وجعل مأواهم جميعا النار وقال الكلبي رواية في قوله تعالى * (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) * نسخ بقوله تعالى " وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء " الأنعام 69 وقال عامة المفسرين إنها محكمة وليست بمنسوخة سورة النساء 141 - 143
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»