تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
سورة النساء 145 - 147 ثم بين مأوى المنافقين في الآخرة فقال * (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) * المنافق في اللغة اشتقاقه من نافقاء اليربوع ويقال لليربوع حجران أحدهما نافقاء والآخر قاصعاء فيظهر نفسه في أحدهما ويخرج من الآخر ولهذا يسمى المنافق منافقا لأنه يظهر من نفسه أنه مسلم ويخرج عن الإسلام إلى الكفر قرأ أهل الكوفة وحمزة والكسائي وعاصم * (الدرك) * بجزم الراء وقرأ الباقون بالنصب وهما لغتان الدرك والدرك وجمعهما أدراك وهي المنازل بعضها أسفل من بعض فأعد للمنافقين الدرك الأسفل من النار وهي الهاوية ثم قال * (ولن تجد لهم نصيرا) * يعني مانعا يمنعهم من العذاب ثم قال عز وجل * (إلا الذين تابوا) * من النفاق * (وأصلحوا) * أعمالهم * (واعتصموا بالله) * يعني تمسكوا بدين الله تعالى وبتوحيده * (وأخلصوا دينهم لله) * يعني بتوحيدهم لله بالإخلاص فإن فعلوا ذلك * (فأولئك مع المؤمنين) * يعني المصدقين على دينهم لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ثم قال * (وسوف يؤت الله المؤمنين) * يعني يعطي الله المؤمنين * (أجرا عظيما) * يعني ثوابا عظيما في الآخرة وفي هذه الآية دليل أن المنافقين هم أشر خلق الله تعالى لأنه أوعدهم الدرك الأسفل من النار ثم استثنى لهم أربعة أشياء التوبة والإخلاص والإصلاح والاعتصام ثم قال بعد هذا كله * (فأولئك مع المؤمنين) * ولم يقل هم المؤمنون ثم قال * (وسوف يؤت الله المؤمنين) * ولم يقل سوف يؤتيهم الله بغضا لهم وإعراضا عنهم والمنافقون هم الزنادقة والقرامطة الذين هم بين المؤمنين يظهرون من أنفسهم الإسلام وإذا اجتمعوا فيما بينهم يسخرون بالإسلام وأهله فهم من أهل هذه الآية ومأواهم الهاوية قوله تعالى * (ما يفعل الله بعذابكم) * يعني ما يصنع الله بعذابكم * (إن شكرتم) * يعني إن آمنتم بالله تعالى ووحدتموه ويقال معناه ما حاجة الله إلى تعذيبكم لو كنتم موحدين شاكرين له * (وآمنتم) * به وصدقتم رسله ثم قال * (وكان الله شاكرا) * يعني * (شاكرا) * للقليل من أعمالكم * (عليما) * بأعمالكم وثوابكم ويقال * (شاكرا) * يقبل اليسير ويعطي الجزيل * (عليما) * بما في صدوركم ويقال * (عليما) * بمن شكر وآمن فلا يعذب شاكرا ولا مؤمنا سورة النساء 148 - 149
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»