تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٣٥٣
سورة النساء 93 قوله تعالى * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) * روي عن سالم بن أبي الجعد قال كنت عند عبد الله بن عباس بعدما كف بصره فجاءه رجل فناداه ما تقول فيمن قتل مؤمنا متعمدا فقال * (جزاؤه جهنم خالدا فيها) * * (وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) * فقال أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى قال وأنى له الهدى سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول يأتي قاتل المؤمن متعمدا ويتعلق به المقتول عند عرش الرحمن فيقول يا رب سل هذا فيم قتلني فوالذي نفسي بيده في هذا نزلت هذه الآية فما نسختها آية بعد نبيكم وما نزل بعده من برهان وروي عن ابن عمر وأبي هريرة أنهما قالا لا توبة له وقال غيرهما له التوبة لأن الله تعالى ذكر الشرك والقتل والزنى ثم قال (ألا من تاب وءامن) إلى قوله * (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) * الفرقان 70 ويقال معنى * (فجزاؤه جهنم خالدا فيها) * يعني داخلا فيها لأنه لم يذكر فيها الأبد كما أن الرجل يقول خلدت فلانا في السجن يعني أدخلته ويقال معناه * (فجزاؤه جهنم) * أي إن جازاه وروى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا وعد الله لعبده ثوابا فهو منجزه وإن أوعد له العقوبة فله المشئة إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه ويقال معناه * (من يقتل مؤمنا متعمدا) * يعني مستحلا لقتله * (فجزاؤه جهنم خالدا فيها) * لأنه كفر باستحلاله ويقال * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) * متعمدا لأجل إيمانه كما روي في الأثر أن بغض الأنصار كفر إن كان بغضهم لأجل نصرتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذلك هاهنا إذا قتله لأجل إيمانه صار كافرا ويقال هو منسوخ بقوله تعالى * (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * النساء 48 - 116 ويقال معناه فجزاؤه جهنم بقتله خالدا فيها بارتداده لأن الآية نزلت في شأن رجل قتل مؤمنا متعمدا ثم ارتد عن الإسلام وهو مقيس بن ضبابة الكناني وجد أخاه هشام بن ضبابة قتيلا في بني النجار فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني فهر إلى بني النجار وأمره بأن يقرئهم السلام ويأمرهم بأن يطلبوا قاتله فإن وجدوه قتلوه وإن لم يجدوه حلفوا خمسين يمينا وغرموا الدية فلما أتاهم مقيس بن ضبابة ورسول رسول الله صلى الله عليه وسلم معه بلغهم الرسالة فقالوا سمعا وطاعة لأمر الله ورسوله وقالوا ما نعرف قاتله فحلفوا وغرموا الدية فلما رجع مقيس بن ضبابة قال في نفسه إني بعت دم أخي بمائة من الإبل ودخلت فيه حمية الجاهلية وقال أقتل هذا الفهري مكان أخي وتكون الدية فضلا لي فقتله وتوجه إلى مكة وقال في ذلك شعرا
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»