أن ترميني وإما أن أرميك فقال له داود بل أنا أرميك ثم أخذ واحدا من الأحجار فرماه فوقع في صدره ونفذ من صدره وقتل خلفه خلقا كثيرا وقال بعضهم صارت الأحجار كلها واحدة فلما رماها تفرقت في عسكره فقتلت خلقا كثيرا وقال بعضهم رمى واحدا بعد واحد فقتل جالوت وخلقا كثيرا وهزمهم بإذن الله فذلك قوله عز وجل * (فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت) * ثم إن طالوت زوج داود ابنته وأراد أن يدفع إليه نصف ملكه فقال له وزراؤه لو دفعت إليه نصف ملكك فيصير منازعا لك في ملكك ويفسد عليك الملك فامتنع من ذلك وأراد قتل داود عليه السلام وكان في ذلك ما شاء الله حتى دفع إليه النصف ثم خرج طالوت إلى بعض المغازي فقتل هناك فتحول الملك كله إلى داود ولم يجتمع بنو إسرائيل كلهم على ملك واحد إلا على داود فذلك قول عز وجل * (وآتاه الله الملك) * يعني ملك اثني عشر سبطا * (والحكمة) * يعني النبوة وأنزل عليه الزبور أربعمائة وعشرين سورة * (وعلمه مما يشاء) * يعني ما يشاء داود من صنع الدروع وكلام الطيور وتسبيح الجبال معه ويقال ما شاء الله من الزبور وكلام الطيور وتسبيح الطيور معه ثم قال تعالى * (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض) * أي يدفع البلاء عن المؤمنين بالنبيين عليهم السلام ويدفع بالمؤمنين عن الكفار * (لفسدت الأرض) * يعني هلك أهلها ويقال * (ولولا دفع الله) * جالوت بطالوت لهلكت بني إسرائيل كلهم ويقال * (ولولا دفع الله) * البلايا بسبب المطيعين لهلك الناس كما جاء في الأثر لولا رجال خشع وصبيان رضع وبهائم رتع لصببت عليكم العذاب صبا وروي عن الحسن أنه قال لولا الصالحون لهلك الطالحون ويقال لولا أمر الله تعالى المسلمين بحرب الكفار لفسدت الأرض بغلبة الكفار ويقال لولا ما ينتفع بعض الناس ببعض لأن في كل أرض بلدة يتولد منها شيء لا يوجد ذلك في سائر البلدان فينتفع به أهل سائر البلدان وينتفع بعضهم ببعض فيكون في ذلك صلاح أهل الأرض قرأ نافع هاهنا " ولولا دفاع الله " وفي الحج * (يدافع) * وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بغير ألف في كلا الموضعين وقرأ حمزة والكسائي وعاصم وابن عامر * (ولولا دفع الله) * بغير ألف * (إن الله يدافع) * الحج 38 بالألف وتفسير القراءتين واحد وهما لغتان معروفتان ثم قال تعالى * (ولكن الله ذو فضل) * أي ذو من * (على العالمين) * برفع البلايا عنهم ثم قال عز وجل * (تلك آيات الله نتلوها) * وهو ما قص عليه من أخبار الأمم * (عليك) * يعني ننزلها بقراءة جبريل عليك * (بالحق) * يعني بالصدق * (وإنك لمن المرسلين) * يعني إنك من جملة المرسلين الذين ذكرناهم وقال الزجاج * (تلك آيات الله) * أي هذه الآيات
(١٩١)