تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٩٤
ثم قال * (من ذا الذي يشفع عنده) * يقول من ذا الذي يجترئ أن يشفع عنده * (إلا بإذنه) * أي دون أمره ردا لقولهم حيث قالوا هم شفعاؤنا عند الله وفي الآية دليل على إثبات الشفاعة لأنه قال * (إلا بإذنه) * ففيه دليل على أن الشفاعة قد تكون بإذنه للأنبياء والصالحين ثم قال تعالى * (يعلم ما بين أيديهم) * يعني الله لا إله إلا هو الحي القيوم هو الذي يعلم ما بين أيديهم من أمور الدنيا يعني يعلم أنهم لا يدعون الألوهية * (وما خلفهم) * يعني يعلم أنه لا شفاعة لهم وقال مقاتل * (يعلم ما بين أيديهم) * يعني ما كان قبل خلق الملائكة * (وما خلفهم) * أي ما يكون بعد خلقهم قال الزجاج يعني يعلم الغيب الذي تقدمهم والغيب الذي يأتي من بعدهم وقال الكلبي * (يعلم ما بين أيديهم) * من أمر الآخرة * (وما خلفهم) * من أمر الدنيا ثم قال تعالى " ولا يحيطون بشيء من علمه " يعني الملائكة لا يعلمون الغيب لأن بعض الناس يعبدون الملائكة ويرجون شفاعتهم فأخبر أنهم لا يملكون شيئا ولا يعلمون مما تقدمهم ولا مما بعدهم إلا بما أنبأهم الله تعالى ويقال لا يدركون جميع علمه والإحاطة في اللغة إدراك الشيء بكماله * (إلا بما شاء) * فيعلمهم ثم أخبر عن عظمته فقال تعالى * (وسع كرسيه السماوات والأرض) * يعني ملأ كرسيه السماوات والأرض وروي عن عطاء بن أبي رباح أنه قال السماوات السبع والأرضون السبع تحت الكرسي كحلقة بأرض فلاة وهكذا قال الكلبي ومقاتل وقال بعضهم الكرسي المكان الذي خلق الله فيه السماوات والأرض وقال بعضهم الكرسي والعرش واحد ولكنه مرة ذكر بلفظ العرش ومرة ذكر بلفظ الكرسي وقال بعضهم الكرسي غير العرش قال الفقيه حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا فارس بن مردويه قال حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا أبو مطيع عن حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة وهو عاصم بن أبي النجود صاحب الفراء عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام وبين الكرسي وبين السماء السابعة مسيرة خمسمائة عام وبين الكرسي وبين الماء مسيرة خمسمائة عام والعرش فوق الماء والله فوق العرش أي بالعلو والقدرة يعلم ما أنتم عليه وقال الزجاج قال ابن عباس * (وسع كرسيه) * يعني علمه وقال قوم * (كرسيه) * قدرته التي يمسك بها السماوات والأرض وهذا قريب من قول ابن عباس ثم أخبر عن قدرته * (ولا يؤوده حفظهما) * يقول ولا يثقله حفظهما يعني حفظ السماوات والأرض * (وهو العلي) * أي الرفيع تعالى فوق خلقه * (العظيم) * يعني أعلى وأعظم من أن يتخذ شريكا ويقال يحمل الكرسي أربعة أملاك لكل ملك أربعة أوجه وجه إنسان ووجه
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»