تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٩٠
بغير غرفة أن يرجعوا ويقال قد ظهر على شفاههم علامة عرف بها من شرب من الذي لم يشرب فردهم وأمسك المخلصين منهم * (فلما جاوزه) * أي النهر " هو " يعني طالوت * (والذين آمنوا معه) * أي المؤمنون ودنوا إلى عسكر جالوت وكان معه مائة ألف فارس كلهم شاكون في السلاح * (قالوا) * المؤمنون * (لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده) * لما رأوا من كثرتهم " قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله " يعني أيقنوا بالموت لما رأوا من كثرة العدو فأيقنوا بهلاك أنفسهم ويقال أيقنوا بالبعث بعد الموت وهو قوله تعالى " قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله " وهم أهل العلم منهم * (كم من فئة قليلة) * يعني كم من جند قليل * (غلبت فئة كثيرة) * عدتهم * (بإذن الله) * أي بنصر الله وأمره إذا خلصت نيتهم وطابت أنفسهم بالموت في طاعة الله * (والله مع الصابرين) * بالنصر على عدوهم يعني معينهم قوله تعالى * (ولما برزوا لجالوت وجنوده) * يقول خرجوا واصطفوا لجالوت دعوا الله تعالى * (قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا) * يقول أصبب علينا صبرا معناه ارزقنا الصبر على القتال * (وثبت أقدامنا) * عند القتال * (وانصرنا على القوم الكافرين) * قال وكان داود عليه السلام راعيا وكان له سبعة أخوة مع طالوت فلما أبطأ خبر إخوته على أبيهم وكان اسمه إيشا أرسل إليهم ابنه داود ينظر إليهم ما أمرهم ويأتيه بخبرهم فلما خرج مر على حجر فقال له الحجر خذني فإني حجر إبراهيم الذي قتل بي عدوه فأخذه وجعله في مخلاته ثم مر بآخر فقال له خذني فإني حجر موسى الذي قتل بي كذا كذا ثم مر بثالث فقال له خذني فأنا الذي أقتل جالوت فأخذه وجعله في مخلاته فأتاهم وهم بالصفوف وقد برز جالوت فقال من يبارزني فلم يخرج إليه أحد ثم قال يا بني إسرائيل لو كنتم على حق لخرج إلي بعضكم فقال داود لإخوته أما فيكم أحد يخرج إلى هذا الأقلف فقالوا له اسكت فذهب داود إلى ناحية من الصف ليس فيها أحد من إخوته فمر طالوت به وهو يحرض الناس فقال له داود وما تصنعون بمن يقتل هذا الأقلف قال طالوت انكحه ابنتي واجعل له نصف ملكي قال داود فأنا أخرج إليه فأعطاه طالوت درعه وسيفه فلما خرج في الدرع جرها لأن طالوت كان أطول الناس فرجع داود إلى طالوت وقال إني لم أتعود القتال في الدرع فرد الدرع إليه فقال له طالوت فهل جربت نفسك قال نعم وقع ذئب في غنمي فضربته بالسيف فقطعته نصفين فقال له طالوت إن الذئب ضعيف فهل جربت نفسك في غير هذا قال نعم دخل أسد في غنمي فضربته ثم أخذت بلحييه فشققتها فقال له هذا أشد ثم قال له ما اسمك قال داود بن إيشا فعرفه فرأى أنه أجلد إخوته فأخذ قذافته وخرج فلما رآه جالوت قال خرجت إلي لتقتلني بالقلاعة كما يقتل الكلاب فقال له داود وهل أنت إلا مثل الكلب قال الكلبي وكان على رأس جالوت بيضة ثلاثمائة رطل فقال له جالوت إما
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»