تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٨٨
ثم بين لهم القصة بقوله تعالى * (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم) * يعني قد أجابكم ربكم إلى ما سألتم من بعث ملك تقاتلون في سبيل الله معه وقد جعل لكم * (طالوت ملكا) * وكان طالوت فيهم حقير الشأن وكانت النبوة في بني لاوي بن يعقوب والملك في سبط يهوذا ولم يكن طالوت من أهل بيت الملك ولا من أهل بيت النبوة ويقال كان رجلا يبيع الخمر ويقال كان دباغا ولكنه كان عالما فرفعه الله بعلمه * (قالوا أنى يكون له الملك علينا) * يعني المسلمون قالوا لنبيهم من أين يكون له الملك علينا * (ونحن أحق بالملك منه) * لأن منا الملوك * (ولم يؤت) * طالوت * (سعة من المال) * ينفق علينا والملك يحتاج إلى مال ينفق على جنوده وأعوانه " قال " لهم نبيهم عليه السلام * (إن الله اصطفاه عليكم) * يعني اختاره عليكم * (وزاده بسطة) * أي فضيلة * (في العلم والجسم) * وكان رجلا جسيما وكان عالما بأمر الحرب * (والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم) * والواسع في اللغة هو الغني ويقال * (واسع) * بعطية الملك * (عالم) * لمن يعطيه ويقال * (واسع) * يعني باسط الرزق * (عليم) * بمن يصلح له الملك فظنوا أنه يقول لهم من ذات نفسه وقالوا له إن كان الله تعالى أمرك بذلك فأتنا بآية * (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت) * وذلك أن الكفار كانوا أخذوا التابوت وكان التابوت للمسلمين فإذا خرجوا للغزو والتابوت معهم كانوا يرجون الظفر فأخذ الكفار التابوت ووضعوه في مخرأة لهم فابتلاهم الله تعالى بالباسور ويقال أن أصل الباسور من ذلك الوقت وأصل الجذام من وقت أيوب عليه السلام وتغير الطعام من قبل بني إسرائيل فجعل الله تعالى آية ملك طالوت رد التابوت إليهم فذلك قوله تعالى * (إن آية ملكه) * يعني علامة ملكه * (أن يأتيكم التابوت) * * (فيه سكينة من ربكم) * قال الكلبي طمأنينة من ربكم إذا كان التابوت في مكان اطمأنت قلوبهم بالظفر وقال مقاتل السكينة كانت دابة ورأسها كرأس الهرة ولها جناحان فإذا صوتت عرفوا أن النصرة لهم ويقال كانت جوهرا أحمر يسمع منه الصوت ويقال كانت ريحا تهب فيها لها صوت يعرفون أن النصرة لهم عند الصوت وقوله تعالى * (وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) * يعني الرضراض من من في الألواح وقفيزا من طست من ذهب وعصا موسى وعمامة هارون قال الكلبي وكان التابوت من عود الشمشاذ الذي يتخذ منه الأمشاط فلما ابتلاهم الله تعالى بالباسور عرفوا أن ذلك من التابوت فقالوا لعل إله بني إسرائيل الذي فينا يعنون التابوت هو الذي يفعل بنا هذا الفعل فأخرجوا بقرتين من المدينة وتركوا أولادهما في المدينة وربطوا التابوت على عجلة ثم ربطوا العجلة بالبقرتين ثم وجهوهما نحو بني إسرائيل فضربت الملائكة جنوبهما فساقوهما حتى هجموا بهما على أرض بني إسرائيل فأصبحوا والتابوت بين أظهرهم فذلك قوله تعالى * (تحمله الملائكة) * يعني الملائكة ساقوا العجلة * (إن في ذلك لآية لكم) * يعني إن في رد التابوت
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»