فيما يستقبلهم من العذاب * (ولا هم يحزنون) * على ما خلفوا من أمر الدنيا ويقال الآية نزلت في شأن عثمان بن عفان حين اشترى بئر رومة ثم جعلها سبيلا على المسلمين سورة البقرة الآية 263 ثم قال تعالى * (قول معروف) * يعني دعاء الرجل لأخيه بظهر الغيب * (ومغفرة) * يعني يعفو ويتجاوز عمن مظلمته * (خير من صدقة) * يعطيها ثم يمن على من تصدق عليه ويقال * (قول معروف) * للفقير يعني إذا أتاه سائل سأله ولم يكن عنده شيء يعطيه فيدعو له بالجنة والمغفرة فهو * (خير من صدقة) * يعطيها له و * (يتبعها أذى) * ويقال وعد المعطي خير من صدقة يتبعها أذى ويقال وعد الكريم خير من نقد اللئيم ويقال دعاء الفقير إذا دعا لصاحب الصدقة ومغفرة الله خير من الصدقة التي يتبعها أذى ويقال قول معروف أي يتجاوز عمن أساء إليه ويحسن له القول خير من صدقة يتبعها أذى ويقال الأمر بالمعروف والصبر على ما أصابه والتجاوز عن الذي ضره خير من صدقة يتبعها أذى ثم قال تعالى * (والله غني حليم) * يعني * (غني) * عما عندكم من الصدقة * (حليم) * حيث لا يعجل بالعقوبة على من يمن بصدقته سورة البقرة الآية 264 قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) * فالله تعالى أمر عباده برأفته أن لا يمنوا بصدقاتهم لكي لا يذهب أجرهم ثم ضرب لذلك مثلا فقال تعالى * (كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر) * يعني المشرك إذا تصدق فأبطل الشرك صدقته كما أبطل المن والأذى صدقة المؤمن ثم ضرب لهما مثلا جميعا لصدقة المؤمن الذي يمن وبصدقة المشرك فقال تعالى * (فمثله كمثل صفوان عليه تراب) * قال القتبي الصفوان الحجر الذي لا ينبت عليه شيء يعني كمثل حجر صلب عليه تراب * (فأصابه وابل) * يعني المطر الشديد * (فتركه صلدا) * يعني ترك الصفا نقيا أجرد أملس ليس عليه شيء من تراب فكذلك نفقة صاحب الرياء ونفقة المشرك لم يبق لهما ثواب ثم قال تعالى " لا يقدرون على شيء مما كسبوا " يعني لا يجدون للصدقة ثوابا في الآخرة وهذا كما قال في آية أخرى و * (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح) * إبراهيم 18 * (والله لا يهدي القوم الكافرين) * يعني لا يرشدهم إلى الإسلام والإخلاص ولا يوفقهم الله بل يخذلهم مجازاة لكفرهم
(٢٠١)