قوله تعالى * (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) * فقد أباح للخاطب أن يتعرض بالنكاح ونهاه عن العقدة والخطبة فقال * (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) * يقول لا بأس بأن يأتي الرجل المرأة المتوفى عنها زوجها فيعرض لها ويقول إنك لتعجبيني وإنك لموافقة لي فأرجو أن يكون بيننا اجتماع ونحو ذلك من الكلام فهذا هو التعريض * (أو أكننتم في أنفسكم) * يعني أضمرتم في أنفسكم قال الزجاج كل شيء سترته فقد أكننته وكننته وهو مكنون فذلك أباح الله تعالى التعريض ثم قال تعالى * (علم الله أنكم ستذكرونهن) * يعني خافوا الله في العدة من تزويجهن * (ولكن لا تواعدوهن سرا) * يعني نكاحا ويقال جماعا وقال القتبي سمي الجماع سرا لأنه يكون في السر فيكنى عنه * (إلا أن تقولوا قولا معروفا) * يعني عدة حسنة نحو إنك لجميلة وإني فيك لراغب قوله تعالى * (ولا تعزموا عقدة النكاح) * يقول ولا تحققوا عقدة النكاح يعني لا تتزوجوهن في العدة * (حتى يبلغ الكتاب أجله) * يعني حتى تنقضي عدتها * (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم) * يعني ما في قلوبكم من الوفاء وغيره * (فاحذروه) * أن تخالفوه فيما أمركم ونهاكم * (واعلموا أن الله غفور) * ذو تجاوز * (حليم) * حيث لم يعجل عليكم بالعقوبة سورة البقرة الآيات 236 - 237 ثم قال تعالى * (لا جناح عليكم) * أي لا حرج عليكم * (إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) * قرأ حمزة والكسائي " تماسوهن " بالألف من المفاعلة وهو فعل بين اثنين وقرأ الباقون بغير ألف لأن الفعل للرجال خاصة وقال بعضهم المس هو الجماع خاصة فما لم يجامعها لم يجب عليه تمام الصداق وقال بعضهم إذا جامعها أو خلا بها وجب عليه جميع الصداق إذا كان سمى لها مهرا وإن لم يكن سمى لها مهرا فلها مهر مثلها إن دخل بها وإن لم يدخل بها فلها المتعة فذلك قوله تعالى * (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) * يعني إذا تزوج الرجل امرأة ثم لم يعجبه المقام معها فلا بأس بأن يطلقها قبل أن يمسها وقوله تعالى * (أو تفرضوا لهن فريضة) * يعني لا حرج عليكم أن تتزوجوا النساء ولا تسموا لهن مهرا * (ومتعوهن) * يعني إذا طلقها قبل أن يدخل بها فعلى الزوج أن يمتعها
(١٨١)