يقول لا سبيل ولا حجة عليكم في القتل * (إلا على الظالمين) * الذين يبدؤونكم بالقتال وقال القتبي أصل العدوان الظلم يعني لا جزاء للظلم إلا على الظالمين فساق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الهدايا فدخلوا مكة وطافوا بالبيت ونحروا الهدي وأقاموا بمكة ثلاثة أيام ثم انصرفوا فنزل قوله تعالى * (الشهر الحرام بالشهر الحرام) * يعني الشهر الحرام الذي دخلت فيه الحرم بالشهر الحرام الذي صدوكم عنه يعني العام الأول وهو ذو القعدة * (والحرمات قصاص) * أي ما اقتصصت لكم في ذي القعدة كما صدوكم ويقال إذا قاتلوكم في الشهر الحرام فقاتلوهم في الشهر الحرام * (والحرمات قصاص) * يعني قتالكم يكون بقتالهم قصاصا فكما تركوا الحرمة فأنتم تتركون أيضا ذلك ويقال إن سبب نزول هذه الآية أن المشركين سألوا المسلمين فقالوا في أي شهر يحرم عليكم القتال وأرادوا أن يقفوا على ذلك حتى يقاتلوهم في الشهر الذي حرم القتال على المؤمنين فنزل قوله * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) * يعني في أي وقت قاتلكم المشركون حل لكم قتالهم ثم قال تعالى * (فمن اعتدى عليكم) * يعني قاتلكم في الشهر الحرام * (فاعتدوا عليه) * أي قاتلوهم فيه وإنما سمي الثاني اعتداء لأنه مجازاة الاعتداء فسمي بمثل اسمه وهذا كقوله عز وجل * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) * النحل 126 ثم صارت هذه الآية حكما في جميع الجنايات أن من جنى على إنسان أو في ماله فله أن يجازيه بمثل ذلك بظاهر هذه الآية * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * ثم قال * (واتقوا الله) * عن الاعتداء قبل إن يعتدوا عليكم * (واعلموا أن الله مع المتقين) * يعني يعين من اتقى الاعتداء سورة البقرة آية 195 قوله تعالى * (وأنفقوا في سبيل الله) * يعني في طاعة الله قال ابن عباس وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر الناس بالخروج إلى الجهاد قام إليه ناس من الأعراب حاضري المدينة فقالوا بماذا نتجهز فوالله ما لنا زاد ولا يطعمنا أحد فنزل في قوله تعالى (وانفقوا في سبيل الله) يعني تصدقوا يا أهل الميسرة في سبيل الله يعني في طاعة الله * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * يعني ولا تمسكوا بأيديكم عن الصدقة فتهلكوا وهكذا قال مقاتل ومعنى قول ابن عباس ولا تمسكوا عن الصدقة فتهلكوا أي لا تمسكوا عن النفقة والعون للضعفاء فإنهم إذا تخلفوا عنكم غلب عليكم العدو فتهلكوا ومعنى آخر ولا تمسكوا فيرث منكم غيركم فتهلكوا بحرمان منفعة أموالكم معنى آخر ولا تمسكوا فيذهب عنكم الخلف في الدنيا والثواب في الآخرة
(١٥٥)