ثم قال تعالى * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * يعني إلى أول الليل وبعد غروب الشمس وقوله تعالى * (ولا تباشروهن) * يقول ولا تجامعوهن * (وأنتم عاكفون في المساجد) * أي وأنتم معتكفون فيها وذلك أنه لما رخص لهم الجماع في ليلة الصيام فكان الرجل إذا كان معتكفا فإذا بدا له خرج بالليل إلى أهله فيغشاها ثم يغتسل فيرجع إلى المسجد فنزلت هذه الآية * (ولا تباشروهن) * ليلا ولا نهارا * (وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله) * قال الكلبي يعني المباشرة في الاعتكاف معصية الله * (فلا تقربوها) * في الاعتكاف وقال الزجاج الحد في اللغة هو المنع فكل من منع فهو حداد ولهذا سمي حد الدار حدا لأنه يمنع الغير عن دخولها * (كذلك يبين الله آياته للناس) * يعني النهي عن الجماع * (لعلهم يتقون) * الجماع حتى يفرغوا من الاعتكاف ويقال * (تلك حدود الله) * يعني جميع ما ذكر من أول الآية إلى آخرها في أمر الصيام وغيره ويبين لهم الآيات * (لعلهم يتقون) * فينتهون عما نهى الله ويتبعون ما الله به سورة البقرة الآية 188 قوله تعالى * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * يعني بالظلم وشهادة الزور * (وتدلوا بها إلى الحكام) * يعني تلجؤوا بالخصومة إلى الحكام وقال الزجاج معناه تعملون بما يوجبه ظاهر الحكم وتتركون ما علمتم أنه الحق * (لتأكلوا فريقا) * يعني طائفة * (من أموال الناس بالإثم) * يعني باليمين الكاذبة وشهادة الزور ويقال * (بالإثم) * يعني بالجور * (وأنتم تعلمون) * أنه جور ويقال إنكم تعلمون أنكم تأخذون بالباطل وهذه الآية نزلت في شأن امرئ القيس بن عابس الكندي وعبدان بن أشوع الحضرمي اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعى أحدهما على صاحبه شيئا فأراد الآخر أن يحلف بالكذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخيه وأرى أنه من حقه فإنما أقضي له بقطعة من النار فنزلت هذه الآية فيهما وصارت عامة لجميع الناس وروى سعيد بن المسيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال شاهد الزور إذا شهد لا يرفع قدميه من مكانهما حتى يلعنه الله من فوق العرش
(١٥٢)