تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٥١
مغتما فنزلت هذه الآية * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * يعني رخص لكم الجماع مع نسائكم * (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) * يعني هن سكن لكم وأنتم سكن لهن ويقال هن ستر لكم من النار وأنتم ستر لهن من النار * (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) * يعني تظلمون أنفسكم قال القتبي أصل الخيانة أن يؤتمن الرجل على شيء فلا يؤدي الأمانة فيه وقد سمى الله تعالى هذا الفعل خيانة لأن الإنسان قد اؤتمن على دينه فإذا فعل بخلاف ما أمر الله به ولم يؤد الأمانه فيه فقد خانه بمعصيته ثم قال * (فتاب عليكم) * يعني فتجاوز عنكم * (وعفا عنكم) * فلم يعاقبكم بما فعلتم * (فالآن باشروهن) * أي جامعوهن * (وابتغوا ما كتب الله لكم) * يعني اطلبوا ما قضى الله لكم من الولد الصالح وقال الزجاج * (وابتغوا ما كتب الله لكم) * أي اتبعوا القرآن فيما أبيح لكم فيه وأمرتم به * (وكلوا واشربوا) * نزلت في شأن صرمة بن قيس عمل في النخيل بالنهار فلما رجع منزله غلب عليه النوم قبل أن يأكل شيئا فأصبح صائما فأجهده الصوم فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر النهار فقال له ما لك يا ابن قيس أمسيت طليحا فقال ظللت أمس في النخيل نهاري كله أجز بالجرين حتى أمسيت فأتيت أهلي فأرادت أن تطعمني شيئا سخنا فأبطأت علي فنمت فأيقظوني وقد حرم علي الطعام والشراب فلم آكل فأصبحت صائما فأمسيت وقد أجهدني الصوم فنزلت هذه الآية * (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض) * وهذا أمر إباحة لله تعالى وليس بأمر حتم هذا مثل قوله * (وإذا حللتم فاصطادوا) * المائدة ومثل قوله * (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) * الجمعة 10 اللفظ لفظ الأمر والمراد به الإباحة وقد أباح الأكل والشرب إلى وقت طلوع الفجر بقوله * (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) * يعني يستبين لكم بياض النهار من سواد الليل ويقال في الابتداء حين نزل * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) * كان بعضهم يأخذ خيطين أحدهما أبيض والآخر أسود ويجعل ينظر إليهما ويأكل ويشرب حتى يستبين له الأسود من الأبيض وذكر عن عدي بن حاتم الطائي أنه قال أخذت خيطين فجعلت أنظر إليهما فلم يتبين الأسود من الأبيض ما لم يسفر الفجر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فتبسم وقال إنك لعريض القفا إنما هو سواد الليل وبياض النهار فنزل قوله * (من الفجر) * فارتفع الاشتباه
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»