تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٦٠
أفيجزئ عني من حجي فقال أولست تلبي وتقف بعرفات وترمي الجمار فقال نعم فقال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل ما سألتني فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية * (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) * وروي عن ابن عباس نحوه ثم قال تعالى * (فإذا أفضتم من عرفات) * يعني إذا رجعتم من عرفات بعد غروب الشمس * (فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * يعني بالمزدلفة وقال عطاء إنما سميت عرفات لأن جبريل عليه السلام كان يعلم إبراهيم عليه السلام أمور المناسك فكان يقول له عرفت فيقول عرفت فسميت عرفات وقال ابن عباس إنما سميت منى لأن جبريل قال لآدم تمن قال أتمنى الجنة فسميت منى قال وإنما سميت جمع لأنه اجتمع فيه آدم وحواء والجمع أيضا هو المزدلفة وهو المشعر الحرام ثم قال تعالى * (واذكروه كما هداكم) * يقول اشكروا الله كما هداكم لدين الإسلام * (وإن كنتم من قبله) * يعني وقد كنتم * (من قبله لمن الضالين) * عن الهدى وكانت قريش لا تخرج من الحرم إلى عرفات وكان الناس يقفون خارج الحرم من كان من أهل اليمن وغيرهم بعرفات ويفيضون منها فأمر الله تعالى قريشا أن يقفوا من حيث وقف الناس ويفيضوا من حيث أفاض الناس فقال تعالى * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله) * لذنوبكم في الموقف * (إن الله غفور رحيم) * يعني متجاوز عن ذنوبكم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يخرج بالناس جميعا إلى عرفات فيقف بها وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله تعالى يباهي ملائكته بأهل عرفات ويقول انظروا إلى عبادي جاؤوا من كل فج عميق شعثا غبرا اشهدوا أني قد غفرت لهم ثم قال عز وجل * (فإذا قضيتم مناسككم) * يعني فرغتم من أمر حجكم * (فاذكروا الله) * باللسان * (كذكركم آباءكم) * في ذلك الموقف * (أو أشد ذكرا) * يقول أو أكثر ذكرا وذلك أن العرب كانوا إذا فرغوا من حجهم وقفوا بين المسجد الذي بمنى وبين الجبل ثم ذكر كل واحد منهم أباه بما كان يعلم منه من الخير ثم يتفرقون قال الله تعالى فاذكروني بالخير * (كذكركم آباءكم) * بالخير فإن ذلك الخير مني وقال عطاء بن أبي رباح قوله في * (كذكركم آباءكم) * هو كقوله الصبي أبه أبه يعني أن الصبي إذا كان أول ما يتكلم فإن أكثر قوله أب أب ويقال * (فاذكروا الله كذكركم) * آبائكم لأبيكم آدم لأنه لا أب له بل * (أشد ذكرا) * لأني خلقته من غير أب ولا أم وخلقتكم من الآباء والأمهات ثم قال تعالى * (فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا) * وهم المشركون أي كانوا
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»