لا يختلف حكمه، وقد اتفقنا أنه متى لم يقصد الضرار بالظهار لم يلزمه حكم الإيلاء بمضي المدة، فوجب أن لا يلزمه وإن قصد الضرار.
فإن قيل: لم يعتبر ذلك في الإيلاء لأن نفس الإيلاء ينبىء عن قصد الضرار، إذ هو حلف على الامتناع من الوطء في المدة. قيل له: الظهار قصد إلى الضرار من حيث حرم وطأها إلا بكفارة يقدمها عليه، فلا فرق بينهما فيما يقتضيانه من المضارة.
واختلف السلف ومن بعدهم وفقهاء الأمصار في الظهار من الأمة، فروى عبد الكريم عن مجاهد عن ابن عباس قال: " من شاء باهلته أنه ليس من أمة ظهار "، وهذا قول إبراهيم والشعبي وابن المسيب، وهو قول أصحابنا والشافعي. وروي عن ابن جبير والنخعي وعطاء وطاوس وسليمان بن يسار قالوا: " هو ظهار "، وهو قول مالك والثوري والأوزاعي والليث والحسن بن صالح، وقالوا: " يكون مظاهرا من أمته كما هو من زوجته ". وقال الحسن: " إن كان يطأها فهو مظاهر وإن كان لا يطأها فليس بظهار ".
قال أبو بكر: قال الله تعالى: (والذين يظاهرون من نسائهم) وهذا اللفظ ينصرف من الظهار إلى الحرائر دون الإماء، والدليل عليه قوله تعالى: (أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن) [النور: 31]، فكان المفهوم من قوله: (أو نسائهن) [النور: 31] الحرائر، لولا ذلك ما صح عطف قوله: (أو ما ملكت أيمانهن) [النور: 31] عليه، لأن الشئ لا يعطف على نفسه، وقال تعالى: (وأمهات نسائكم) [النور: 31]، فكان على الزوجات دون ملك اليمين. فلما كان حكم الظهار مأخوذا من الآية وكان مقتضاها مقصورا على الزوجات دون ملك اليمين، لم يجز إيجابه في ملك اليمين، إذ لا مدخل للقياس في إثبات ظهار في غير ما ورد فيه. ووجه آخر، وهو ما بينا فيما سلف أنهم قد كانوا يطلقون بلفظ الظهار، فأبدل الله تعالى به تحريما ترفعه الكفارة، فلما لم يصح طلاق الأمة لم يصح الظهار منها. ووجه آخر، وهو أن الظهار يوجب تحريما من جهة القول يوجب الكفارة، والأمة لا يصح تحريمها من جهة القول، فأشبه سائر المملوكات من الطعام والشراب متى حرمها بالقول لم تحرم، ألا ترى أنه لو حرم على نفسه طعاما أو شرابا لم يحرم ذلك عليه وإنما يلزمه إذا أكل أو شرب كفارة يمين؟ فكذلك ملك اليمين وجب أن لا يصح الظهار منها إذ لا يصح تحريمها من جهة القول.
في الظهار بغير الأم واختلفوا فيمن قال لامرأته أنت علي كظهر أختي أو ذات محرم منه، فقال أصحابنا: " هو مظاهر وإن قال كظهر فلانة وليست بمحرم منه لم يكن مظاهرا "، وهو