أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٥٢٢
معنى الآية على هذا التأويل إيجاب القتال إلى أن لا يبقى من يقاتل.
وقوله تعالى: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم)، روي عن مجاهد: " لا تضعفوا عن القتال وتدعوا إلى الصلح "، وحدثنا عبد الله بن محمد قال:
حدثنا الحسن الجرجاني قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى:
فلا (تهنوا وتدعوا إلى السلم) قال: " لا تكونوا أول الطائفتين ضرعت إلى صاحبتها " (وأنتم الأعلون) قال: " أنتم أولى بالله منهم ". قال أبو بكر: فيه الدلالة على امتناع جواز طلب الصلح من المشركين، وهو بيان لما أكد فرضه من قتال مشركي العرب حتى يسلموا وقتال أهل الكتاب ومشركي العجم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، والصلح على غير إعطاء الجزية خارج عن مقتضى الآيات الموجبة لما وصفنا، فأكد النهي عن الصلح بالنص عليه في هذه الآية. وفيه الدلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل مكة صلحا وإنما فتحها عنوة، لأن الله قد نهاه عن الصلح في هذه الآية وأخبر أن المسلمين هم الأعلون الغالبون، ومتى دخلها صلحا برضاهم فهم متساوون، إذ كان حكم ما يقع بتراضي الفريقين فهما متساويان فيه ليس أحدهما بأولى بأن يكون غالبا على صاحبه من الآخر.
وقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) يحتج به في أن كل من دخل في قربة لا يجوز له الخروج منها قبل إتمامها، لما فيه من إبطال عمله نحو الصلاة والصوم والحج وغيره. آخر سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»