رأسه، فقام رجل من الصحابة فقال: يا رسول الله إن لم تك لك بها حاجة فزوجنيها!
وذكر الحديث، إلى قوله: فقال: معي سورة كذا وسورة كذا، فقال: " اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن ". ففي هذا الحديث أنه عقد له النكاح بلفظ التمليك، والهبة من ألفاظ التمليك، فوجب أن يجوز بها عقد النكاح، ولأنه إذا ثبت بلفظ التمليك بالسنة ثبت بلفظ الهبة إذ لم يفرق أحد بينهما.
فإن قيل: قد روي أنه قال: " قد زوجتك بما معك من القرآن ". قيل له: يجوز أن يكون ذكر مرة التزويج ثم ذكر لفظ التمليك ليبين أنهما سواء في جواز عقد النكاح بهما.
وأيضا لما أشبه عقد النكاح عقود التمليكات في إطلاقه من غير ذكر الوقت وكان التوقيت يفسده، وجب أن يجوز بلفظ التمليك والهبة كجواز سائر الأشياء المملوكة، وهذا أصل في جواز سائر ألفاظ التمليك. ولا يجوز بلفظ الإباحة لأن لذلك أصلا آخر يمنع جوازه وهو المتعة التي حرمها النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى المتعة إباحة التمتع بها، فكل ما كان من ألفاظ الإباحة لم ينعقد به عقد النكاح قياسا على المتعة، وكل ما كان من ألفاظ التمليك ينعقد به النكاح قياسا على سائر عقود التمليكات لشبهه بها من الوجوه التي ذكرنا.
وقد اختلف في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فروي عن ابن عباس رواية وعكرمة: " أنها ميمونة بنت الحارث ". وقال علي بن الحسن: " هي أم شريك الدوسية ".
وعن الشعبي: " أنها امرأة من الأنصار ". وقيل: " إنها زينب بنت خزيمة الأنصارية ".
قوله تعالى: (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم)، قال قتادة: " فرض أن لا ينكح امرأة إلا بولي وشاهدين وصداق، ولا ينكح الرجل إلا أربعا ". وقال مجاهد وسعيد بن جبير: " أربع ". قال أبو بكر: وقوله: (وما ملكت أيمانهم) يعني ما أباح لهم بملك اليمين كما أباحه للنبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: (لكيلا يكون عليك حرج) يرجع والله أعلم إلى قوله: (إنا أحللنا لك أزواجك) وما ذكر بعده فيما أباحه للنبي صلى الله عليه وسلم لئلا يضيق عليه، لأن الحرج الضيق، فأخبر تعالى بتوسعته على النبي صلى الله عليه وسلم فيما أباحه له وعلى المؤمنين فيما أطلقه لهم.
قوله تعالى: (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء). حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن أبي رزين في قوله تعالى: (ترجي من تشاء منهن): المرجات ميمونة وسودة وصفية وجويرية وأم حبيبة وكانت عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب سواء في القسم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يساوي بينهن. وحدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا